سقوف الخطابات العالية على رُكام سقف المزرعة ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 07 أيلول , 2022 08:10 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

وَعَد الرئيس ميشال عون عدم تسليم لبنان كما استلمه، لكنه استلم مزرعة كشف فضائحها وأصرَّ على التدقيق الجنائي الداخلي والخارجي. وألاعيب بعض الشركاء في السلطة من "المُقاولين" حالت دون استكمال عملية بناء الدولة في عهده، وحسبُه أنه وضع الأساسات القانونية والقضائية للقضاء على "المزارعجيي". وهو إذ يُشارف على وداع بعبدا، يُودِع بين أيدي اللبنانيين وبحماية معادلة وطنية، دولةً نفطيةً ناشئة ليست تحتاج سوى مَن يرعى إنجازات تحققت، وأقلّ الإيمان أن يتمّ التوافق في النهاية على رئيس آدمي لخلافة آدمي، وهذا الأمر هو حصراً أمانة بين أيدي المقاومة والحلفاء.

صعود الدولار من ١٥٠٠ الى ٣٥٠٠٠ في عهد عون، جوابه عند الذين دخلوا الحكومات التي تعاقبت منذ بداية التسعينات، وبداية ديون بثلاثة مليارات دولار، وغادروا الحُكم بعد أن تخطَّت قيمة هذه الديون عتبة المئة مليار، وكان سهلاً على أبناء مدرسة الإستدانة والنهب، تحميل وزر الإرتكابات لعهد ميشال عون، الممنوع أساساً من الحُكم، لأنه دخل بعبدا كخيارٍ للمقاومة، وسوف يُغادرها مقاوماً صلباً غير مرتهنٍ سوى للسيادة اللبنانية، رغم جلجلة تحديات خاضها بالكثير من الصبر والكثير من الحكمة.

وإذا كان الوضع الإقتصادي العام في نكبةٍ عظيمة، فإن ما تمَّت حياكته من مؤامرات ومزَّقه ميشال عون كان أعظم وأخطر، منذ دحر الإرهاب عام ٢٠١٧، وصولاً الى رفض التوطين ودمج اللاجئين رغم ضغوط قانون قيصر الخانقة، وانتهاء بالموقف الحاسم الصارم للسلطات اللبنانية، على طاولة التفاوض غير المباشر مع الكيان الصهيوني لترسيم الحدود البحرية، دفاعاً عن الحق اللبناني بكل نقطة نفط وكل نفحة غاز.
سقف الخطابات العالية في وداع عون مهما علا، لا يعني أن السماء سوف تُمطرنا برئيس مختلف عنه او عن إميل لحود، ويجب أن يعتاد كرسي بعبدا على هذه النوعيات النخبوية، ومع اعترافنا، أن الكيمياء مفقودة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل والإشتراكي وبقايا "المستقبل" منذ بداية عهد الرئيس عون، لكن عوَّضتها الفيزياء المغناطيسية بين جماهير التيار وجماهير حزب الله، ونحمد الله على نعمة "مار مخايل"، لكن بعد هذا الكمّ من حقد جعجع منذ أيام، لا كيمياء تجمع عوني مع "قواتي"، ولا فيزياء جاذبة بينهما منذ سقوط مهزلة "أوعا خيَّك".

وإذا كان السيد سمير جعجع قد اعتاد اقتناص الفرص والمراكز عبر تاريخه، فإنه مهما رفع من سقف خطابه على العونيين، فهو الخاسر الأكبر من هجومه على موقع الرئاسة الأولى، لأنه مرفوض لبنانياً لا بل منبوذ من حلقة القرار الوطني اللبناني للتوافق على رئيس، وكل الشخصيات التي لبَّت دعوته تكاذباً الى "القداس الإستثماري" عن أرواح الشهداء، مع كل الأثواب الكنسية التي استحضرها للديكور استكمالاً لمجد تمثيله المسيحي الزائف، مشهديات لا تمحو من ذاكرة اللبنانيين ماضيه السيء الذكر، الذي رسم له المستقبل الأسوأ، مهما حمل المشعل واستعرض نفسه أمام مَن يشتريهم بأموال الدول النفطية لمواجهة ميشال عون والمقاومة من متراس معراب، ولا يجب أن يكون هناك رئيس لا يُشبه ميشال عون وإميل لحود ولا ترضى عنه المقاومة، حتى لو تأجل انتخاب الرئيس أكثر من المخاض الذي عاشته هذه المقاومة لوصول عون، وهي مع حلفائها الآن، مسؤولة أمام الشعب اللبناني سياسياً ونيابياً وجماهيرياً لتأمين الخلف الصالح أو الفراغ، وكفى الآخرين رفع سقوف خطابات الذئاب الجريحة لأن سقف المزرعة قد أسقطه ميشال عون وهو غير قابل للترميم...

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل