أقلام الثبات
ان ما يجري في العراق من صراع سياسي وامني يبدو في الظاهر صراعا على السلطة بين الاطراف الشيعية التي يقسمها الإعلام الغربي والعربي الى اطراف موالية لإيران ..واطراف يتقدمها السيد مقتدى الصدر ويصفها بالعراقية -العربية ..لإعادة تصوير الصراع بانه قومي (عربي-فارسي) كما كان توصيفه في الحرب العراقية على ايران ... وخصوصا ان المخزون الثقافي والسلوكي عند العراقيين لا يحتاج الى كثير جهد لإظهار (عدم المودة) مع الاخوة الإيرانيين ..ويكاد هذا الشعور للأسف يشمل اغلب المتدينين والعلمانيين وبطبيعة الحال البعثيين والدواعش والمذاهب الأخرى...
ان احداث العراق ستكون بداية المرحلة الثانية من مشروع #الربيع_العربي الذي فشل في مرحلته الأولى مع كل الخسائر البشرية والمادية التي أحدثها لكنه لم يستطع تحقيق أهدافه المباشرة، بل وانقلبت الصورة وخسر بالنقاط وفق التالي:
- لم يسقط النظام في سوريا وتمدد الروس والايرانيون والمقاومة على الجغرافيا السورية.
- خسر السيطرة الشاملة على العراق بعد غزوة داعش وصارت ايران شريكا أساسياوتم تأسيس الحشد الشعبي على منهجية المقاومة في لبنان.
- خسر السيطرة على اليمن وتنامى نفوذ (أنصار الله) الذين أربكوا السعودية وحطموا معنوياتها وكشفوا عورتها العسكرية وانهكوها اقتصاديا وانضموا الى وحدة جبهة المقاومة ضد العدو الإسرائيلي.
- خسر السيطرة على لبنان ومع تفكيكه للدولة والحصار الاقتصادي لإغراق المقاومة وأهلها وخنقهم دون استعمال القوة.. انقلبت الصورة فتأثرت المقاومة وأهلها مع كل اللبنانيين، ولكنها لم تسقط.. واستطاعت البقاء على جهوزيتها ولأول مرة تفرض المقاومة نفسها (سيداً ومقرراً من طرف واحد) في المنطقة وتفرض على العدو الإسرائيلي شروطها ومهلها الزمنية بالنسبة لاستخراج الغاز من البحر ..وهي سابقة تشابه سابقة تحرير الأرض اللبنانية من دون اتفاقيات سلام ...!
- خسرت اميركا السيطرة على اليمن (رغم الأثمان البشرية المادية التي دفعها شرفاء اليمن) لكن بدل ان يكون انصار الله (الحوثيون) مطاردين في الجبال وضحايا الحروب المتكررة تحولوا الى اسياد اليمن وجزء من حركات المقاومة ودول الطوق للعدو الإسرائيلي ...
- خسرت اميركا الرهان على سقوط النظام في إيران بعد انسحابها من الاتفاق النووي.. وعادت لتوقيعه مرغمة وبشروط ترجح كفة الطرف الإيراني...وهي على اعتاب توقيع نسخته المعدّلة (الا اذا طرا عامل إسرائيلي مفاجئ)..
- خسرت اميركا تسويق وتنفيذ "صفقة القرن" وكذلك الرهان على تدجين المقاومة الفلسطينية عبر (تركيا ومصر وقطر) وبقيت فصائل عدة خارج دائرة التدجين والمساومة(حركة الجهاد_ الجبهة الشعبية ....) وبالتالي لم تستطع قطع ذراع محور المقاومة داخل فلسطين المحتلة وغزة .
لن تستسلم اميركا ولا العدو الإسرائيلي.. وسيستمرون بمشروعهم اما مباشرة بالحرب (وهم عاجزون الآن عن تأكيد انتصارهم ان وقعت).. وبالتالي سيعودون لتكرار سيناريو الربيع العربي والفتن الطائفية والاثنية والقومية .مع الاستفادة من أخطاء وثغرات المرحلة الأولى وتطوير اساليبهم وتنويع ادواتهم وشعاراتهم ..
بدأت الفتنة في العراق وان لم تستطع قوى المقاومة والمرجعية الرشيدة احتواءها فإنها ستشغل الحشد الشعبي في الجغرافية العراقية وتعمل على استنزافه ...وربما تجرأت على اغتيال المرجع السيد السيستاني(بيد عراقية ظاهرها التيار الصدري) لقطع الرأس المرجعي واغتيال القيادة التي تستطيع لجم الفتنة واطفاء النار وذلك ثأرا من المرجع السيستاني وفتواه التي انقذت العراق من غزوة داعش وكانت السبب في تاسيس الحشد...
بعد العراق ستعمل اميركا على نقل الفتنة الى لبنان وسوريا والكويت والبحرين ويمكن ان تحافظ على هدنة اليمن لإراحة السعودية للتفرغ بالعبث بالعراق ولبنان والخليج..
عندما تعجز اميركا وإسرائيل عن الحرب.. سيكون مشروعهما الحرب البديلة بين أبناء الوطن الواحد.. وربما بين الدين الواحد. والمذهب الواحد...