"أبجدية النصر": كَتبَت التاريخ ومَزَّقت ألف باء الهزائم! ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 24 آب , 2022 08:35 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

احتفالية شعبية مهيبة أقامها حزب الله مساء الإثنين الفائت، إحياء لذكرى الأربعينية الربيعية لنشأة المقاومة عام 1982، وتضمَّنت كلمة السيد حسن نصرالله عرضاً كافياً لمراحل نمو هذه المقاومة، وسرداً وافياً للإنجازات العظيمة التي حققتها بدماء الشهداء، بدءاً من تحرير لبنان من الرجس الصهيوني عام 2000، والنصر الكبير عليه عام 2006، مروراً بسحق الإرهاب التكفيري على سلسلة الجبال الشرقية عام 2017، ووصولاً الى استحداث توازن الردع، هذا التوازن الذي بات قوة لبنان الذاتية في تحرير ما بقي من أرضه المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا من جهة، وضمانة لحقوقه في خيراته الطبيعية سواء كانت في البرّ أو البحر، تحت طائلة تدمير أية مُنشأة استراتيجية لكيان الاحتلال ما لم يحصل تزامن في استخراج الغاز والنفط من جهة أخرى.

ولأننا كالعادة، لا نستطيع عبر مقالة مقتضبة الإحاطة بأية إطلالة بانورامية شاملة لسماحة السيد نصرالله، سوف نكتفي بثلاث نقاط تطرَّق إليها في احتفالية "أبجدية النصر"، لنعترف بدوام صوابية رؤيته، ولِنُعرِّف العاجزين من جماعة ألف باء التنظير في السيادة والحرية والاستقلال، أن الزحف عند أقدام سفيرة، أو الاحتماء بدشداشة سفير، لا يمكن من خلالهما استبدال الثلاثية الذهبية المقدسة للجيش والشعب والمقاومة، بثلاثية لا سيادة وطنية فيها، ولا حرية لشعبٍ صابرٍ صامدٍ وسط خضوع بعض سياسيي هذا البلد لواقع حصار "قيصر الأميركي"، ولا استقلال واقعي يليق بشهداء لبنان متى كانت بعض الجماعات اللبنانية رهينة أنظمة التطبيع العربي الخانع.

والنقاط الثلاث التي نقتطفها من الكلمة التاريخية للسيد نصرالله، هي في جدلية تكليف المقاومة بالتحرير والمواجهة، وفي حق توازن الردع المُستدام مع العدو الإسرائيلي، وآخر النقاط، تخصيص الأجيال اللبنانية اليافعة وتحديداً ولادات ما بعد العام 2000 بتوصيات وطنية هي بمستوى الوصايا.

أولاً في جدلية تكليف المقاومة الدفاع عن لبنان، التي أثارها السيد سمير جعجع، فالإجابة عندنا واضحة:
إذا كان تكليف المقاومة مسألة دنيوية سياسية حكومية، فمَن كلَّف سمير جعجع بكل الأعمال العسكرية في الجبل وبحمدون وزحلة وشرقي صيدا، والحروب الأهلية التي خاضها وأنتجت ما أنتجت من ضحايا اغتيالات وتهجير وتدمير؟ ومَن ملَّكه على الناس ليعقد مُصالحة ثُنائية كاذبة برعاية "بطريركية" مع وليد جنبلاط، هي أشبه بشراكة المغانم على عظام الناس وحُطام المنازل، ليُعطي لنفسه الآن حق سؤال المقاومة عن شرف انتفاضة كرامتها اللبنانية الوطنية على احتلالٍ وعدوان؟!
وإذا كان تكليف المقاومة مسألة إلهية - كما هو يفترض - فإن حسن نصرالله لا يدَّعي النبوَّة، بل تسكنه كما تسكن سائر الشرفاء قُدرة الله في خلقه على جعلهم أعزاءً كراماً ومن بديهيات حقهم الذود عن الوطن، في غياب أية خطوة بديلة من جعجع ومن سواه لتحرير ما تبقى من الأراضي المحتلة، طيلة 16 عاماً من انتهاء حرب تموز 2006؟

ثانياً، في حق توازن الردع المُستدام مع العدو الإسرائيلي، بما يواكب التطور التكنولوجي والعسكري الذي تُغدِق به أميركا على هذا الكيان، والإكتفاء بتزويد الجيش اللبناني بالمناظير وناقلات الجُند المُستعملة وسواها من المعدات التي لا تُشكِّل خطراً على العدو الصهيوني، وبالتالي، فإن رؤية المقاومة في إقامة توازن الردع مع هذا العدو، نراها اليوم أمامنا واضحة وواجبة الوجود، في المواجهة معه وتأديبه وتطويعه، ومنعه من رفع رأسه سواء في حقل كاريش أو سواه حرصاً على الحق اللبناني المُنتزع بقوَّة المعادلة الثلاثية المُباركة.

ثالثاً وأخيراً وليس آخراً، تخصيص الأجيال اللبنانية اليافعة وتحديداً ولادات ما بعد العام 2000 بتوصيات وطنية في كلمة السيد نصرالله هي بمستوى الوصايا، سيما وأن مَن لم يواكبوا الإذلال والعذابات الوطنية في لبنان خلال الحقبة من منتصف الستينات حتى التحرير عام 2000، من الواجب توعيتهم أن قوَّة لبنان ليست في ضعفه، ولا في إطلاق الثُّغاء صوب الجامعة العربية والأمم المتحدة لردع أي عدوان، وأن أية مُعادلة ثلاثية يُعلنها أهل المُزايدات والمزادات اليوم، ليست بذات قيمة متى قرأت هذه الأجيال تاريخهم الإنبطاحي والزحفطوني لأجل مراكز رخيصة حتى ولو داسوا على الوطن والدولة والشعب، وليس أسهل على أبنائنا وغالبيتهم من حملة الشهادات الجامعية أن يقرأوا تاريخ الوطن اللبناني، قبل المقاومة وبعهدها، ولهم نترك الحُكم بين أبجدية النصر وألف باء الهزائم، ليكون لهم وطن يليق بهم..


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل