أقلام الثبات
أسابيع قليلة جداً تفصل لبنان والمنطقة عن الوقت المحدد الذي تمّ تحديده من قبل حزب الله، للأميركيين والاسرائيليين لإعطاء لبنان حقه في حدوده البحرية والتنقيب عن غازه في مياهه، ورفع الفيتو الأميركي عن الشركات التي تعرضت للتهديد للإنسحاب من لبنان وعدم الاستمرار بالاستكشاف والاستخراج.
وإذا كان عدد من اللبنانيين والاسرائيليين يتصرفون وكأن الأمر يحتاج الى وقت وأن لا مشكلة في الانتظار الى حين انتهاء الانتخابات الاسرائيلية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، فذلك لأنهم يريدون أن تقوم اسرائيل – كما عادتها- بسرقة حقوق لبنان، بالاضافة الى إبقاء لبنان تحت سيف الضغوط القصوى والعقوبات غير المعلنة للتضييق على اللبنانيين (للضغط على حزب الله ومواجهته – خطة بومبيو).
مع العلم، إن على اللبنانيين أن يتنبهوا للمهل الفاصلة والفرص المتاحة والتي إذا ضاعت، قد يضيع معها حق لبنان، وتستمر سياسة التجويع الى ما لا نهاية، وأهمها:
1- انتهاء عهد رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون
بإنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، يخسر لبنان ورقة إضافية من أوراق القوة التي يملكها، وذلك أما عبر الدخول في الفراغ الرئاسي، الذي يمكن أن يتذرع به الاميركي والاسرائيلي لتأجيل إتفاق الترسيم مع لبنان، أو عبر وصول رئيس يعمل وفق التوجيهات الأميركية، فيقول أن حزب الله لا يحق له استفراد الدولة اللبنانية وبالتالي هو يرفض قيام لبنان تهديد الاسرائيلي، وأن لبنان يمكن أن يحصّل حقوقه عبر الأمم المتحدة!!، أو رئيس ينفي وجود غاز من أساسه، وأن لا لزوم لصراع على مياه لا تحتوي سوى بعض الأسماك...
إن التسريبات الاعلامية التي نقلت عن الأميركيين أنهم لا يريدون إعطاء ميشال عون "هدية" في نهاية عهده، قد تكون أفكار لبنانية أميركية او داخلية تفضّل أن يبقى لبنان في ظل الأزمات والجوع والفقر، على أن لا ينجح ميشال عون في تحقيق أي من الأهداف اللبنانية، وتريد للبنان أن يبقى تحت سيف العقوبات الى أن ينتهي كلياً كدولة قابلة للعيش.
2- التسويات في المنطقة
بالرغم من أن السيد حسن نصرالله قد اكد أن لا علاقة للاتفاق النووي الايراني بموضوع الغاز وترسيم الحدود مع لبنان، إلا أن إتجاه المنطقة الى التسويات بشكل عام تحتّم على لبنان الاستعجال لوضع نفسه على سكة الحلول والتسويات، وعدم البقاء على محطة الانتظار.
فرضت الحرب الأوكرانية العديد من الجداول الزمنية على المعنيين في أوروبا وأميركا، فالشتاء قادم وهناك حاجة للغاز والنفط من مصادر أخرى غير الروسية. وفي هذا الإطار، تأتي عودة الأميركيين الى طرح إمكانية العودة الى الاتفاق النووي مع إيران، لأن الغاز الايراني يعتبر بديلاً سهلاً وممكناً للتصدير براً عبر تركيا الى أوروبا، ومع رفع العقوبات يمكن العودة الى مشاريع سابقة تمّ إيقافها كخط نابوكو وغيره.
في ظل اتجاه للتسويات في المنطقة، وعودة السفراء العرب الى طهران، وبشائر إيجابية حول توقيع الاتفاق النووي، من الخطر على لبنان تأجيل الاتفاق البحري الذي سيخرجه من دائرة "الحصار غير المعلن" الذي يفرضه الأميركيون. إنها فرصة للبنان، ليكون موجوداً وبقوة في دائرة الحلول والتسويات، لأنها الفرصة المتاحة الآن، وقد لا تتاح في المستقبل القريب في حال تفويتها.
في النتيجة، يدرك الأميركي والاسرائيلي أن ترسيم الحدود مع لبنان ورفع الفيتو عن التنقيب وتخفيف الضغوط (الحصار) على لبنان، ليس هدية ولا منّة بل سيكون نتيجة، وأن الحرب هي الخيار البديل، والأكيد، أن من حق لبنان أن يقوم بأي شي- أي شيء- لرفع الحصار والتخلص من الجوع والموت المحتم الذي ينتظره.