العونيون، أصابعهم شموع على مذبح "مار مخايل" وبعد.. ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 20 تموز , 2022 09:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

أكثر من لقاء جمع قيادات من التيار الوطني الحر مع نخبة من قيادات حزب الله، بعد وصول عملية تطبيق بنود ورقة مار مخايل إلى البند الرابع المُتضمِّن مسألة بناء الدولة.
ولا يمكننا تحميل أي من الطرفين مسؤولية العجز عن التطبيق، خصوصاً خلال عهد الرئيس ميشال عون، لأن التيار الوطني الحر، وإن كان في الحُكم، ليس ذلك الحزب الحاكم، وحزب الله بنظر الغرب وبعض الدول الإقليمية، يُهيمن على التشكيلات الحكومية، مهما تعفُّف عن الحصص الوازنة واختار وزارات متواضعة. وربما كان على "التيار" والحزب، الضرب في الرمل لإستطلاع هذا الكمّ من الحقد الحارق على الطرفين، كي يكون ميشال عون ممنوعاً من الحُكم منذ اليوم الأول حتى آخر يومٍ من عهده، فيما أحرق العونيون أصابعهم شموعاً على مذبح "مار مخايل" من جهة، وعلى صفيح خصومات الغير لهم لأجل الصيغة التي يؤمنون بها للبنان من جهة ثانية.
   

الثابت ونحن في الربع الأخير من العام الأخير لعهد الرئيس عون، أنه لن يترك لبنان كما كان عندما وصل إلى بعبدا، وللبعض حريته في التبسيط والتسطيح، والذهاب كيفما شاء في المواقف السلبية من هذا العهد، ولسنا هنا في وارد تبادل الإتهامات، لكن بلداً بدأ بديون ثلاثة مليارات في بداية التسعينات وانتهى اليوم بما يفوق المئة مليار، أسباب كوارثه معروفة، وإذا كان ميشال عون قد فشِل نتيجة مراوغة المقاولين الفاسدين أن يبني دولة في ست سنوات، فهو على الأقل قد أسقط السقف على رؤوس تجار الهيكل وقوَّض أركان مزارعٍ عمرها عقود من حُكم "المزارعجيي".

من السهل جداً علينا الإستمرار في تقاذف المسؤوليات، ووضع الحق على المحيط الإقليمي، والتجاذب الحاصل على الساحة اللبنانية بين السعودية وإيران، وعلى طريقة "الحق عالطليان" ولكن، من السهل أيضاً وبكل ثقة، مصارحة اللبنانيين أن وجه لبنان قد تغيَّر، إن لم يكُن بعد "مار مخايل" فبعد ميشال عون، لكن ليس بالمعنى السلبي كما يستمر البعض في تصويره، والفريق الذي استعدى المقاومة وحلفائها خصوصاً بعد تموز 2006، لم يحصد في السياسة أتعاب عدوانيته وعمالته، وأي مرشَّح يطرح نفسه لخلافة عون في بعبدا، لن يصل إلى بعبدا بسيرة ذاتية تتضمن إنتماءه إلى 14 آذار، حتى لو وصلت البلاد إلى الفراغ الذي شهدناه قبل انتخاب عون.

وقد يكون المسيحيون معنيين أكثر من سواهم بكرسي بعبدا، كحق تاريخي لهم ولكن، عليهم أن يدركوا بأن التاريخ لن يعود إلى الوراء، والأحزاب الطائفية المسيحية التي حاولت بعض زعاماتها انتزاع الوهج الوطني من المسيحي أنطون سعادة خلال الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، قد اختبرها الشارع المسيحي الحالي، وهو يدرك أنها ليست الضمانة ولا الأمان ولا هي تلك القيادات التي تؤتمن على مستقبل المسيحيين كأقليات في هذا الشرق، سواء كانت هذه الزعامات من أحزاب الأربعينات، أو تلك التي نشأت ما بعد السبعينات.

وكي لا يقع العونيون في المحظور، كشريحة واسعة جداً من الشارع المسيحي، عليهم الحذر في المواقف قًبيل بدء الحملات لرئاسة الجمهورية، ولا وقت للمُقارنة أو المفاضلة بين جبران باسيل وسليمان فرنجية، وإذا كانت أدوات السفارات أمعنت إحراقاً لإسم جبران باسيل، ونعتته على مدى سنوات بلقب "رئيس الظل" أو "الصهر الوريث"، فإن وضع العونيين حالياً في موجات غضب مجانية لا يُفيد، وحظوظ سليمان فرنجية في الوصول الى بعبدا تقطع الطريق على مرشحين من رمادييّ المواقف، أو مِمَّن لا لون ولا نكهة لهم، ولعل أخطرهم هم أولئك القادمين من عالم المال والأعمال، ويحملون شعارات ورقية لا قيمة لها تحت مُسمَّى حياد لبنان، بالمنطق الواهي الذي يحمله البطريرك الراعي.

الدعوة للحياد، في بلد اللاجئين المطروحين للتوطين، والنازحين الذين باتوا مشاريع دمج مع اللبنانيين، وسط مظالم حصار "قيصر" على الشعب اللبناني، هذه الدعوة ممنوعٌ عليها ولادة رئيس من رحمها، لأنها سوف تستجلب عار الإنعزال المجاني، تهمةً قديمة جديدة للمسيحيين وإن كانت تحت مُسمَّى حياد، وليست القيادات السياسية المسيحية أوعى وأكثر رؤية من أنطون سعادة وميشال عون، ولا القيادات الدينية تاريخها ضمن سجلّ البطاركة الكبار...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل