أقلام الثبات
انتعشت الآمال في تحقيق انفراج بشأن الاتفاق النووي الإيراني بعد أن قال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بعد زيارته إلى طهران إن المحادثات ستستأنف للتوصل الى اتفاق، وأوردت بعض المصادر أن الاجتماعات المقبلة ستحصل في الدوحة - قطر.
وشهدت "اسرائيل" انقساماً حول الموضوع، وذلك بين المؤسستين السياسية والعسكرية، وضمن العسكرية نفسها:
1- وزير الخارجية يائير لابيد هاجم بوريل والغرب الساعي للتواصل وعودة الاتفاق متهماً إيران بالتخطيط لقتل مدنيين إسرائيليين في تركيا.
2- أما في المؤسسة العسكرية، فهناك خلاف حول ما إذا كان الاتفاق سيكون مفيدًا لاسرائيل أم لا.
حسب يديعوت أحرونوت، يدعم العديد من الجنرالات في الجيش، بمن فيهم رئيس المخابرات العسكرية، العودة إلى اتفاق مع طهران بينما يعارض رئيس الأركان الفريق كوخافي الأمر، إذ يعتبر ان العودة الى الاتفاق السابق هو أمر سيء وخطير، مصرحاً بأنه "أصدر توجيهاً للجيش لإعداد خطط عملياتية جديدة لضرب إيران من أجل وقف برنامجها النووي إذا لزم الأمر".
ويقول تفرير الصحيفة ان مؤيدي الاتفاق يتحدثون عن أن "الاتفاق السيء أفضل من عدم وجود اتفاق على الإطلاق، لأنه يسمح لإسرائيل بكسب الوقت للاستعداد لخيار عسكري واسع النطاق ضد إيران بدلاً من عدم وجود اتفاق على الإطلاق".
ويعتبر وزير الدفاع بيني غانتس أن "العودة إلى الاتفاق هي الخيار الأقل سوءًا بالنسبة لإسرائيل"، لأنها "ستعطي مهلة لاسرائيل مهلة عامين ونصف من السلام "على الأكثر"، حيث لن تتمكن الجمهورية الإسلامية من تطوير برنامجها النووي".
وبالرغم من ذلك، يتحدث مسؤولون في الجيش الإسرائيلي بأن "تهديد الصواريخ التقليدية الإيرانية يشكل مصدر قلق كبير لإسرائيل التي، على الرغم من دفاعاتها الجوية متعددة الطبقات، قد لا تكون قادرة على مواجهة وابل الصواريخ المكثف الذي تطلقه إيران والجماعات التي تعمل بالوكالة لها مثل حزب الله في لبنان أو الميليشيات الشيعية في العراق".
وهكذا، يحتاج الأميركيون والغربيون الى إعادة العمل بالاتفاق النووي للسماح لإيران ببيع نفطها وغازها الى أوروبا، التي تحتاج الى هذا الاتفاق بعدما قامت بوضع عقوبات على الطاقة الروسية، وأعلنت أنها ستوقف إعتمادها على الغاز والنفط الروسيين، قبل نهاية العام. لكن في الوقت نفسه، يلعب الأميركيون لعبة مزدوجة: فهم من ناحية يشجعون علناً العودة الى الاتفاق من أجل تخفيف الضغط عن الاوروبيين، ومن ناحية أخرى يسعون الى تنسيق حلف عسكري بين الدول العربية واسرائيل لمواجهة إيران.
ولكن كما يبدو أن الدول العربية ليست معنية بما يخطط له الاميركيون لمصلحة اسرائيل، وذلك بناءً على ما يلي:
1- انعقاد المحادثات في قطر يشير الى أن قطر لن تكون معنية بالاستقطاب الحربي، وأنها تفضّل ان تكون مركزاً للحوار الاقليمي بدل أن تكون جزءًا من حلف عسكري تريده اسرائيل والاميركيون ضد إيران.
2- زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الى طهران بعد يوم من زيارته للسعودية، والاعلان عن الاتفاق على تحقيق الاستقرار والهدوء في المنطقة، وتحدثت تقارير عن تطورات إيجابية في العودة الى الحوار بين السعودية وإيران.
3- نقلت وول ستريت جورنال" عن بيان حكومي إماراتي قوله: لسنا طرفاً في أي تحالف عسكري إقليمي أو تعاون يستهدف أي دولة بعينها.
في النتيجة، إن ما تقوم به إدارة بايدن من محاولة السير بمسارات متوازية، بين العودة الى المسار الدبلوماسي لإرضاء الاوروبيين، ومحاولة تحشيد أحلاف عسكرية في المنطقة ضد إيران، يعني أن التعويل على نجاح المحادثات النووية قد يكون صعباً، وأن الامل بالهدوء في المنطقة، سيكون بناءً على رغبة دول المنطقة بالاستقرار، إذ يدركون أن ما يحصل وما يريده الاميركيون والاسرائيليون، لا ينفع سوى اسرائيل وسيعود بالدمار والوبال على الدول العربية أجمع.