أقلام الثبات
يشهد لبنان وسورية تطوراتٍ خطرةٍ وغير مسبوقة، بعد إزدياد التصعيد "الإسرائيلي" المستمر ضد البلدين، من خلال إقدام العدو على إستهداف مطار دمشق الدولي، كذلك إستقدامه باخرة تنقيبٍ عن الغاز تابعة لشركة "Energean" اليونانية - البريطانية الى مياه البحر الفلسطيني المحتل، للتنقيب في حقل "كاريش" الشمالي، على بعد 90 كم من حيفا. ويقع جزء من حقل "كاريش" ضمن الخط الحدودي رقم 29 الذي يعدّه المفاوضون اللبنانيون حدوداً لبنانيةً، وبالتالي فإنّ الأعمال التنقيبية التي تقوم بها هذه الشركة بتوصية من "إسرائيل" غير شرعية. ما يستوجب ردًا لبنانيًا مناسبًا لردع الأخيرة، في حال أقدمت على التنقيب ضمن الخط الحدودي المذكور آنفًا.
وبالعودة الى العدوان على مطار دمشق، فهذه هي المرة الأولى الذي يقدم فيها العدو الإسرائيلي على قصف خطوط الإتصالات الخاصة بحركة الطيران المدني في هذا المطار الدولي، وهذا التمادي الخطر، لم يقدم عليه خلال حرب 1973. كونه يعرّض سلامة مختلف الطيران المدني الدولي للخطر. ففي حال تعرضت أي طائرةٍ مدنيةٍ تابعةٍ لدولةٍ معيّنةٍ لعطلٍ فنيٍ في المجال الجوي السوري، فلم يعد بوسع مطار دمشق إستقبالها، بعد إنقطاع الإتصالات، جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على هذا المطار، ضاربًا (أي العدو) بعرض الحائط الأعراف الدولية المتعلقة بسلامة الطيران المدني.
وفي السياق، ترجّح مصادر عليمة أن يكون العدو الإسرائيلي قد إستغل الإنشغال الروسي في النزاع مع أوكرانيا، بالتالي وجه ضربته الى مطار دمشق في الأيام القليلة الفائتة، ولم يلق ردًا من الدفاعات الجوية الروسية المنتشرة على الأراضي السورية، مرتكزًا (أي العدو) الى حاجة موسكو إليه في حربها مع أوكرانيا، بالتالي الحصول على الموافقة الضمنية الروسية على شن هذا العدوان، على إعتبار أن روسيا تحاول تحييد "إسرائيل" عن النزاع في أوكرانيا قدر المستطاع، إذا تسنى لها ذلك، على حد قول المصادر. ويأتي هذا التصعيد في إطار الضفط المستمر على دمشق، لمحاولة زعزعة تحالفاتها الإستراتيجية، تحديدًا تحالفها مع إيران والمقاومة اللبنانية. وفي الوقت عينه النيل من سورية و"تدفيعها ثمن" خياراتها، وفقًا للحسابات "الإسرائيلية"- الأميركية، تختم المصادر.
بالإنتقال الى الملف اللبناني، فإن التصعيد "الإسرائيلي" والإستفزازات ضد لبنان، يسيران في خطٍ موازٍ مع التصعيد المستمر والعدوان المتمادي في الجارة الأقرب، بعد إستقدام العدو "لباخرة التنقيب" الى المنطقة الحدودية المتنازع عليها مع لبنان، مستغلًا الأزمة المعيشية الحادة التي يعانيها الشعب اللبناني، نتيجة الحصار الأميركي المفروض على لبنان، لمحاول فرض الإملاءات الإسرائيلية على السلطات اللبنانية، تحديدًا في شأن ترسيم الحدود بين لبنان و"الكيان الإسرائيلي"، عبر الوسيط الأميركي غير الحيادي على الإطلاق. ويستغل الأميركي بدوره وصول كتلة نيابية تدور في فلكه الى البرلمان اللبناني، كعنصرٍ مساعدٍ في حربه على المقاومة، التي أعلنت جهوزيتها على لسان قائدها السيد حسن نصر الله للرد على أي إعتداءٍ "إسرائيليٍ" على لبنان، من خلال محاولة سرقة ثروته الغازية. ولكن قرار التصدي للعدوان هو في يد الدولة اللبنانية، التي تلتزم المقاومة قرار الأولى، الأمر الذي يقفل الباب أمام تشويش "نواب التغيير".
وينتظر لبنان من جهته رد الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان و"إسرائيل"، آموس هوكشتاين، الذي زار لبنان في الأيام القليلة الفائتة، وعقد سلسلة من اللقاءات مع المسؤولين اللبنانيين، أبرزها كان مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي شدد بدوره على حقوق لبنان السيادية في المياه والثروات الطبيعية، متمنياً على الوسيط الأمريكي العودة سريعاً إلى لبنان ومعه الجواب من الجانب "الإسرائيلي"، ليبنى على الشيء مقتضاه. وذكرت تقارير صحافية أن لبنان طلب الحصول على الخط 23 وحقل قانا في المنطقة المتنازع عليها. وأشارت إلى أن الرد اللبناني طالب باستئناف المفاوضات التقنية غير المباشرة مع "إسرائيل"، ولفتت التقارير إلى أن لبنان طلب وقف استخراج النفط والغاز من حقل كاريش إلى حين انتهاء المفاوضات.
وفي هذا الصدد، يؤكد مرجع إستراتيجي، أن أفضل ردٍ ردعيٍ إحترازي على "إسرائيل"، يجب أن يرتكز على البنود الآتية:
أولًا: تعديل المرسوم ٦٤٣٣ \٢٠١١ وإيداعه المراجع المختصة في الأمم المتحدة.
ثانيًا: إعلان المنطقة ما بين الخطين ٢٣ و٢٩ منطقة متنازعاً عليها وإنذار الشركات الأجنبية ومنعها من العمل فيها وفي الحقول التي تتصل بها كلياً او جزئياً وحقل كاريش ضمنا.ً
ثالثًا: التمسك بالرسالة الموجّهة الى الامم المتحدة في شباط الماضي للتأكيد على ما تقدّم.
رابعًا: إطلاق يد الجيش والمقاومة لحماية حقوق لبنان وفقاً لما تقدّم.
وتعقيبًا على ما تقدم آنفًا، تصف مصادر معنية بالتطورات المذكورة الوضع الأمني والعسكري في لبنان وسورية بالحذر، ولم يصل الى حد الإنفجار حتى الساعة، رغم الإستفزازات "الإسرائيلية" للبلدين. ففي شأن الوضع اللبناني، فإن المقاومة تقف خلف الدولة في مسألة ترسيم الحدود، ولن تتخذ أي قرارٍ منفردٍ بالرد على الإعتداء "الإسرائيلي" على الثروة اللبنانية. أما في الشأن السوري، فإن الدولة السورية هي المعنيّة بالأمر، وهي أعلم بمصالح شعبها، وهي من تحدد كيفية الرد بالتنسيق مع محور المقاومة في المنطقة، الذي لم يوقف عملياته البطولية على العدو يومًا، تختم المصادر.