أقلام الثبات
بعد ايّام من الترقّب "الإسرائيلي" لردّ حزب الله على الخطوة "الإستفزازية"تجاه الحزب منذ دخول سفينة التنقيب اليونانيّة "اينرجن باور" يوم الأحد الماضي محيط حقل كاريش، جاء الرّد على لسان امينه العام السيّد حسن نصرالله مساء امس، حاملا رسائل تهديد غير مسبوقة، بدت الأخطر في وجه "اسرائيل" بهذا التوقيت الحسّاس الذي تمرّ فيه المنطقة والعالم.. فبَين دعوة "العدوّ الى التوقّف فورا عن ايّ عمل لاستخراج النّفط من حقل كاريش"، وإعلانه بشكل واضح "انّ المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي امام نهب ثروات لبنان، وانّ كلّ الخيارات مفتوحة وعلى الطاولة"، وما بينها تحذير عالي السّقف صوب الشركات المالكة لسفينة التنقيب ب"سحبها فورا وسريعا" والا فإنها ستتعرّض لأضرار مادّية وبشريّة.. اعاد السيّد نصرالله قذف كرة النّار الى داخل "اسرائيل" ووضعها وقادتها ومسؤوليها واروقتها الأمنيّة والإستخباريّة امام تحدّ غير مسبوق ودرجة عالية من الخطورة، وخصوصا انّ محلّلين عسكريين "اسرائيليين" حذّروا من انّ ردّ حزب الله قد لا يقتصر على استهداف سفينة التنقيب،" بل ربما هناك ما هو ابعد من ذلك!..
"فهل اتُّخذ قرار خطير يتجاوز ردّ حزب الله حصرا، الى كلّ أذرع محور ايران في المنطقة، وخصوصا انّ الفصائل الفلسطينيّة صمتت بشكل مريب يوم مسيرة الأعلام رغم التهديدات غير المسبوقة على ألسنة قادتها، وكأنه بدا "أمر عمليّات" عُمّم عليها جميعها بعدم الإتيان بأيّ ردّ بانتظار إشارة الرّد في هذا التوقيت تحديدا"؟- وفق ما نقل عن المحلّل العسكري "الإسرائيلي" يؤاف ليمور.
جاءت إطلالة السيّد المدوّية برسائلها في توقيت "سيء جدا" واجهته "اسرائيل" في اليومين الماضيين، ليمسح سريعا حال "النّشوة" التي اعترت مسؤوليها وقادتها منذ امتناع الفصائل الفلسطينيّة عن الرّد على خطوة "مسيرة الأعلام" التّهويديّة الإستفزازية ما اعتبره قادة الكيان "نصرا" على تلك الفصائل، وتعويضا لخسارته المدوية في نفس الشهر من العام الماضي والذي كان "أيّارا اسود" عليه إبّان معركة "سيف القدس"، مرورا ب"استعراض العضلات" على متن مناوراته الضخمة على الحدود الشمالية والتي ذيّلها بتدريبات في قبرص انتهت يوم الخميس في 9 الجاري، وحاكت هجوما على لبنان- كما ورد على السنة مسؤولين وخبراء عسكريين "اسرائيليين"، والمبادرة الى "تحدّي" حزب الله عبر إدخال سفينة التنقيب اليونانية الى حقل كاريش رغم تحذيرات امينه العام المسبقة من مغبّة سطو" اسرائيل " على ثروة لبنان النفطيّة والغازية وتهديده "بقطع اليد" التي ستمتدّ الى هذه الثروة..
الا انّ "نشوة" اسرائيل –التي تمثّلت ب "نجاح" مهمة اغتيال العقيد في الحرس الثوري الايراني حسن خدائي "في عقر داره"، وحيث وصلت الى ذروتها بادّعاء رئيسها وحزبه بعدها - وتزامنا مع دخول سفينة التنقيب الى حقل كاريش .."المسؤولية عن اغتيال 4 علماء وخبراء وجنرالات ايرانيين خلال اقلّ من شهر في ايران".. سرعان ما تبدّدت بوصول نبأ مصرع قائد وحدة الإغتيالات في "الموساد"، او ما يوصف ب"الرّجل الأخطر" في الجهاز "الإسرائيلي"، بضربة دقيقة سدّدتها طائرة مسيّرة على عدد من السيّارات كانت تقلّ مجموعة من ضبّاطه في اربيل-عاصمة كردستان العراق!
وفي حين أُحيطت عملية الإغتيال بتكتّم شديد على جري العادة الإسرائيلية في سياق "المعركة بين الحروب" بين تل ابيب والمحور المقابل خصوصا مع ايران، وبينما اكتفت مديريّة مكافحة الإرهاب في اقليم كردستان العراق امس الخميس، بالإعلان "انّ طائرة مسيّرة "مجهولة" انفجرت في مدينة اربيل ما ادّى الى اصابة بضع اشخاص وتضرُّر عدد من السيّارات".. الا انّ صفحة "انتل سكاي" المتخصّصة في تحليل الأخطار الدّوليّة ورصد الطّلعات الجوّية، اكّدت " مصرع مسؤول كبير في جهاز "الموساد" الإسرائيلي بهجوم نفّذته طائرة مسيّرة في اربيل".. وبدا لافتا بعد تصفية المذكور، تلميح وكالة انباء "فارس" الايرانية، الى انّ الأخير هو من كان يهندس ويشرف على عمليّات الإغتيال التي طالت علماء نوويّين ايرانيين، واغتيال العقيد خدائي قرب منزله.
جاء الإنتفام الإيراني مخالفا لتوقعات قادة الكيان "الإسرائيلي" ومسؤولي اجهزته الأمنيّة والإستخباريّة الذين بادروا سريعا بعد اغتيال خدائي، الى رفع حال التأهّب على الحدود مع سورية ولبنان، واستنفار اجراءات حماية السفارات"الإسرائيلية" حول العالم ترقّبا لانتقام طهران، فيما بدا تركيزهم لافتا على تركيا تحديدا وترجيح ان يتمّ الثّأر من شخصيّات "اسرائيلية" محددة على الأراضي التركية.. المؤكد انّ قدرة طهران على اختيار شخصيّة "استخبارية" اسرائيلية رفيعة المستوى لتصفيتها ، ورصد مسارها في اربيل، اربك المسؤولين والقادة "الإسرائيليين" الى حدّ كبير، سيّما ان تنقّل ضباط "الموساد" في الخارج يخضع لإجراءات سرّية استثنائيّة، تحديدا في اربيل، حيث سبق لطهران ان سدّدت ضربة ايضا في جهازها المذكور، عبر تصفية 4 من رجالاته عند استهداف مقرّهم في اربيل، في شهر نيسان الماضي!
هذا قبل ان تُلحق طهران سريعا ضربتها في اربيل، بأخرى لا تقلّ قساوة في مرمى جهاز "الموساد"، عبر اغتيال اثنَين من ضبّاطه في العاصمة الإماراتيّة ابو ظبي -حسبما المح مصدر مقرّب من الحرس الثوري، موضحا "انّ الضابطَين كانا يعتزمان تأسيس مقرّ امني خاصّ في ابو ظبي، لاغتيال علماء واستهداف منشآت حسّاسة داخل ايران"..
رسالة "ناريّة" تلقّفتها تل ابيب جيدا في ثنايا "حرب الظلّ" المشتعلة بين الجانبَين، خصوصا انها أُرفقت بتحذير ايراني علني على لسان مساعد الرئيس للشؤون الإقتصاديّة محسن رضائي، والذي توعّد ب" ازالة الكيان الإسرائيلي عن وجه الأرض اذا أخطأت اسرائيل"..و سيّما انها تزامنت مع تهديدات السّيد حسن نصرالله والذي لم يُعطِ مسؤوليها اي فرصة لالتقاط الأنفاس، وباتت الانظار في الكيان وخارجه شاخصة صوب سفينة التنقيب التي دعاها نصرالله الى مغادرة حقل كاريش "فورا وسريعا" تحت طائلة الإستهداف..
كيف سيستهدف حزبُ الله سفينة التنقيب اذا لم تنسحب سريعا من حقل كاريش؟ هل سيتمّ الرّد"عبر تعرّض المنصّة لهجوم بطائرة من دون طيّار؟ او إطلاق صواريخ باتجاهها"-وفق ترجيح وسائل اعلام عبرية-نقلا عمّا نسبته الى مصادر عسكرية؟ .. وهل اقتربت الحرب بين "اسرائيل" وحزب الله على خلفيّة التنقيب عن النفط والغاز –وفق ما لفت الباحث "الإسرائيلي" في المعهد الأورشليمي للشؤون العامّة والسياسية جاك نيربا الشهر الماضي؟ وحيث توقّع انّ الحرب باتت"قريبة جدا"؟
المؤكّد انّ المواجهة العسكرية هذه المرّة لن تكون شبيهة بسابقتها إبّان عدوان تموز عام 2006، هذه المرّة ستكون شاملة وسينخرط فيها كلّ اركان محور المقاومة في المنطقة ربطا بقاعدة توحيد الجبهات، وهو ما صوّب عليه السيّد نصرالله في اكثر من اطلالة.. ووسط ارتفاع نُذُر اندلاعها اكثر من ايّ وقت مضى، سيّما على وقع اشتعال "حرب الإغتيالات" بين طهران وتل ابيب، وعودة المفاوضات النووية الايرانية الى المربّع الأوّل، ووسط المآزق التي تجتاح الكيان"الإسرائيلي" وتكبّل حكومة نفتالي بينيت ما قد يدفع اصحاب "الرؤوس الحامية" للهروب الى الأمام والمغامرة بالإنقياد صوب مواجهة عسكرية لن تلجمها اي سقوف هذه المرّة، خصوصا بعد إنجاز المناورات الأضخم في تاريخ "اسرائيل" والتدريبات المكثّفة في قبرص التي حاكت "غزوا للبنان".. تحدّثت مصادر صحافيّة لبنانية عن وساطة بادرت اليها احدى الدّول الغربيّة -دون تحديدها، مع قيادة حزب الله بُعيد ساعات على كلمة السيّد نصرالله..
وإذ بيّنت انّ ردّ قيادة الحزب تضمّن قرارا مقتضبا وحاسما بوجوب توقّف "اسرائيل" الفوري عن اي محاولة للتنقيب عن النفط والغاز حتى في المنطقة المتنازع عليها، وسحب سفينة التنقيب منها سريعا والا فإنّ المقاومة ستردّ "على طريقتها" في ايّ لحظة.. رجّحت المصادر" ان تذهب الأمور الى التصعيد"، سيّما بعد استبيان موقف احد الدبلوماسيّين الرّوس في بيروت من المستجدّات الأخيرة.. والذي اكتفى بالتلميح الى "مفاجآت غير مسبوقة قادمة، قد تبدأ باكورتها في ايّ لحظة"!