أقلام الثبات
تُدرِك "القوات" منذ ما قبل الإنتخابات النيابية الأخيرة، أن الرئيس نبيه بري سيكون رئيساً لمجلس العام 2022، ومع ذلك استخدمت على لسان رئيسها سمير جعجع والنائب جورج عدوان، لغة الإستعطاء الإنتخابي، أنها لن تنتخب بري للرئاسة، دون أن نغوص الآن بحكاية الهاتف الذي لم يهدأ من معراب مع عين التينة خلال أسبوع إنتخاب الرئيس ونائبه وهيئة مكتب المجلس، ربما من باب الحرص على عدم كسر الجرَّة، عبر انتداب حفنة من نواب "القوات" لإيصال بري بما يُقارب 65 صوتاً، وهذا ما حصل، لكن ما ضمرت له "القوات" أبعد من مركز رئيس المجلس، الفائز به بري معها أو بدونها.
تعتيم غريب من معراب حتى آخر دقيقة حول خيار القوات بما يتعلق بنائب الرئيس، كما القنَّاص الذي يتربَّص لإصطياد مرشَّح التيار الوطني الحر النائب الياس بو صعب، وأظهرت أرقام النائب المُنافس غسان سكاف أين ذهبت أصوات النواب القواتيين، فكانت الهزيمة السياسية الأولى لمعراب بفوز بو صعب، وتلتها الهزيمة الثانية بفوز النائب آلان عون على النائب القواتي زياد حواط بمنصب أمين السرّ.
هذا الحقد القواتي على التيار لا يُشبه بشيء المنافسة السياسية، لا بل أن القوات تُهادن كل الفرقاء حتى حزب الله، وتُعادي بفظاظة التيار وجبران باسيل. وذهبت النائب ستريدا جعجع بعيداً في الهجوم الشخصي على باسيل وزايدت على زوجها في عرض العضلات الإنتخابية، وجاءت النتيجة صاعقة لكن ليس من البترون، بل من الكورة بفوز النائب جورج عطالله، وسقطت القوات بالضربة القاضية الإنتخابية عبر فوز وليم طوق في قلب المعقل، بشرِّي.
لا أكثرية كانت "القوات" تحلم بها وأهدرت من أجلها دولارات خليجية تأمَّنت لها، رغم المصاريف الإعلانية والإعلامية وتكاليف شراء الذمم، ولا منطقة ذات غالبية سنِّية ارتضت التحالف مع مُرشَّح قواتي باستثناء أشرف ريفي في طرابلس الذي يجمعه مع القوات الحقد على المقاومة وحلفائها، لا بل كان سلاح المقاومة هو سلاحهم الإنتخابي لإستقطاب عديمي الرؤية من الناخبين، وماذا كانت النتيجة؟ تصريح النائب القواتي السابق أنطوان زهرة منذ أيام، أن القوات تُطالب بنزع هذا السلاح بعد تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالوضع اللبناني على الحدود، وتغيَّرت خيارات "القوات" مئة وثمانين درجة، عمَّا كانت عليه خلال الحملات الإنتخابية وبيع الناس تصريحات كما السمك في البحر!!!
ولأننا نسرُد الوقائع من أفواههم، حول طموحات معراب المتوسطة والبعيدة المدى، صرَّح النائب القواتي السابق آدي أبي اللمع، أن هدف "القوات" هو إيصال النائب ستريدا جعجع الى سُدَّة رئاسة الجمهورية، وهنا نعترف، أن الكيل في قبول المنطق الوطني قد طفَح، وكما هو ممنوعٌ - وطنياً - وصول غسان حاصباني أو زياد حواط الى نيابة رئاسة المجلس، أو أمانة السر، فإنه من المحظورات التي تُلامس القُدسية، كرسي بعبدا محظورٌ لمسه لِمَن لا يؤمن بقدسية المقاومة، وفوز العوني الياس بو صعب لن يكون آخر هزائم الرهانات القواتية الخائبة، والتي بدأ التمهيد لها عونياً من إنتخابات نقابة الأطباء...