أقلام الثبات
بانتظار أن يدعو الرئيس نبيه بري بصفته رئيس السّن في مجلس نواب 2022 الى جلسة لإنتخاب رئيس للمجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس علماً أنها المرة الأولى التي يكون فيها رئيس السّن هو نفسه المرشح لرئاسة المجلس، وسوف يكون نصاب هذه الجلسة 65 نائباً، عملا بالمادتين الثانية والثالثة من النظام الداخلي لمجلس النواب حيث جاء في المادة الثانية : " يجتمع مجلس النواب بناءً على دعوة أكبر أعضائه سناً وبرئاسته لإنتخاب هيئة مكتب المجلس في أول جلسة يعقدها بعد تجديد إنتخابه، وذلك في مهلة أقصاها خمسة عشر يوماً من بدء ولايته.
يقوم بأمانة السر أصغر عضوين سناً من الحاضرين.
وإذا تعذر حضور أكبر الأعضاء سناً يرأس الجلسة أكبر الأعضاء سناً من الحاضرين".
اما المادة الثالثة فنصت: "عملاً بالمادة 44 من الدستور المعدّلة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990 والنافذ منذ تاريخ نشره، ينتخب المجلس أولاً، ولمدة ولايته، الرئيس ونائب الرئيس، كلاً منهما على حدة، بالاقتراع السرّي، وبالغالبية المطلقة من أصوات المقترعين، وإذا لم تتوافر هذه الغالبية في هذه الدورة وفي دورة ثانية تعقبها، تجري دورة اقتراع ثالثة يكتفي بنتيجتها بالغالبية النسبية، وإذا تساوت الأصوات فالأكبر سناً يعتبر منتخباً.
وفي كل مرة يجدد المجلس إنتخابه، وعند افتتاح عقد تشرين الأول من كل عام، يعمد المجلس إلى انتخاب أميني سر وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة.
ثم يجري انتخاب ثلاثة مفوضين بورقة واحدة بالغالبية النسبية. وإذا تساوت الأصوات عدّ الأكبر سناً منتخباً".
واذا كان واضحا ان الرئيس بري هو المرشح الوحيد للرئاسة ، الا ان بعض الأصوات تعترض على ذلك مثل : وضاح الصادق الذي قال : أنّه "إذا انتخبنا نبيه بري لرئاسة مجلس النواب نلغي أنفسنا كتغييريين".، ومارك ضو الذي اعتبر أنّ "عودة ترشيح رئيس مجلس النواب نبيه بري، لا يعكس طموحنا للتغيير، لأنه من المنظومة التي اوصلتنا الى هنا ويجب أن يُحاسب".، وغيرها من التصريحات التي تزايد "تغييريا "و"ثوريا " وتعارض إعادة انتخاب بري للمرة السابعة على التوالي ، ولكن السؤال هنا ماذا يفعل هؤلاء المعترضين اذا كان 27 نائبا شيعيا يجمعون على الرئيس القديم – الجديد ،وهل يتجرأ احدهم على ترشيح شخصية نيابية من طائفة أخرى لهذا المنصب على نحو ما جرى عام 1946 حين انتخب الأرثوذكسي حبيب أبو شهلا رئيسا لمجلس النواب ،بذريعة ان الدستور لا ينص على طائفية الرئاسات.
واضح تماما ان الرئيس بري سيعاد انتخابه، لكن البازار مفتوح على مركز نائب رئيس المجلس، حيث يبدو أن كل طرف يحاول أن يقدم عروضا لهذه الغاية، وحتى الآن يبدو ان هناك 4 مرشحين هم: نائب رئيس الحكومة السابق النائب المنتخب غسان حاصباني، ونقيب المحامين السابق النائب المنتخب ملحم خلف، وكذلك نائب رئيس الحكومة السابق الياس أبو صعب، ونائب عكار سجيع عطية.
كيف تم انتخاب حبيب أبو شهلا
بالعودة الى انتخاب النائب الأرثوذكسي حبيب أبو شهلا عام 1946 رئيسا لمجلس النواب، يروي رئيس مجلس النواب الراحل صبري حمادة، انه في 16 تشرين الأول عام 1946، كان موعد انتخابات رئاسة المجلس النيابي فترشح النائب الأرثوذكسي حبيب أبو شهلا ضد الرئيس حمادة، "بدعم مباشر من الرئيس رياض الصلح الذي استاء من تمهيدي لتولي عبد الحميد كرامي رئاسة الوزارة، فرد لي الرجل بأن طبخ انتخابات رئاسة المجلس على هذا النحو بحجة محاولة إلغاء الطائفية السياسية "(الأسبوع العربي 17 تشرين الثاني 1967).
وفي هذا الخصوص يروي الرئيس بشارة الخوري :" راجعني بعض النواب وأنا لم ازل في بيت الدين بشأن انتخاب رئاسة المجلس في بدء دورة تشرين ، ولحظت بادرة جديدة بترشيح نائب غير شيعي لها ، وأن الأنظار متجهة نحو حبيب أبو شهلا ، أحد النواب الأرثوذكس اللامعين ، فلم أمانع في ذلك ، ولكن الرئيس صبري حمادة (برغت ) من هذا الاتجاه ، فنصحته وهو الصديق القديم المخلص المقدام بأن من مصلحته الاحتجاب عن الرئاسة فيما لو فاز منافسه بها ، وهكذا كان، وفاز حبيب أبو شهلا بأكثرية ضئيلة ، فتقبل صبري حمادة النتيجة بالروح الرياضية التي يتحلى بها ، وتبادل الرئيسان الجديد والقديم التهاني والتقدير ." (الحقائق اللبنانية – الجزء الثاني _ بشارة الخوري).
ردة فعل الرئيس صبري حمادة على هذا التطور والخرق الميثاقي انه قال: "إذا كنتم لا تعتمدون الطائفية في منصب رئاسة مجلس النواب، فما معنى اعتمادها في المنصبين الرئاسيين الآخرين " (الأسبوع العربي 17 تشرين الثاني 1967). وتوج الرئيس حمادة حملته بتقديم مشروع قانون بصفة معجل مكرر لإلغاء الطائفية السياسية من الحياة السياسية العامة في البلاد.
وبعد نقاش طويل في مجلس النواب انئذ، طرح رئيس المجلس المشروع على التصويت، "ومن يقبل بإعطاء اقتراح السيد صبري حمادة صفة الاستعجال المكرر فليرفع يده ،فسقط اعتبار الاقتراح مستعجلا مكررا ..ورفعت الجلسة "( من محاضر مجلس النواب – تشرين الثاني 1946 ) .