السلطة والدين والسياسة ... وصيانة المجتمع ـ د. نسيب حطيط

الإثنين 23 أيار , 2022 09:25 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ان العلاقة بين تسلم السلطة والحكم وبين الناس والدين علاقة جدلية تغرق في الالتباس والضبابية وفي بعض الأحيان للانحراف، مما يؤدي الى إخضاع الدين والناس من أجل الوصول للسلطة بحجة حماية مصالح الناس وعقائدهم وحفظ دينهم. .. لكن مع الانخراط في لعبة السلطة ويومياتها وجزئياتها تغيب مقاصد الوصول للسلطة وأهدافها المعلنة والصادقة وتبدأ عملية التنازلات عن الحقوق والمبادئ العقدية بحجة حماية العيش المشترك والتعايش والبقاء بالحكم لأن الخروج من الحكم أكثر خسارة من البقاء فيه ويتم التحصن وراء متراس (لدرء المفاسد) وتقدمه على (جلب المصالح) في عملية تأويل تخادع الواقع لتغطي التقصير، او القصور او الإهمال او الانشغال في جني المكتسبات الدنيوية والألقاب ...وما تم جمعه من حطام الدنيا ...!
اذا كانت المشاركة في السلطة لا تحمي الثوابت والحقوق بل تشكل تغطية لقرارات السلطة وإضفاء المشروعية عليها ومنع المتضررين من التحرك الاعتراضي.. تتحول هذه المشاركة الى خطيئة ومعصية وشراكة مع الظالم لقهر المظلومين ولا بد من الانحياز للمظلومين من داخل السلطة وإذا كان ذلك متعذراً استوجب الخروج منها والعمل من خارجها لمنع وإلغاء قراراتها الظالمة ...
إن الانخراط في العمل السياسي والعسكري دون الالتفات للوضع الفكري والثقافي والأخلاقي والمعيشي.. خطأ فادح وقاتل وخطير لأنه يلتفت لبعض الجزئيات والوسائل الهامة لكنه يهمل المجتمع الأهلي الذي يشكل حاضنة المقاومين.. ويعرّض المجتمع البيئة الحاضنة للتشتت والاختراق والتعبئة المضادة او الضعف المستدام والتلويث المتعدد الأنواع والأساليب ويجفف البحر الذي تطفو عليه سفن المقاومة وتختبئ بمياهه غواصاتها وأسماكها..
ان الاستغراق في البرامج والخطابات والفعاليات السياسية وإهمال الفعاليات الفكرية والثقافية الدينية التي تؤمن الصيانة المستمرة للأنفس وتهذيبها وتنقيتها من الشوائب السلوكية والعقدية ..سيؤدي الى عواقب وخيمة وسلبية بدأنا نحصد بعض مؤشراتها من إدمان المخدرات والسرقات والابتعاد عن الدين، خصوصاً في جيل الشباب تحت العشرين عاما والتي تساعد وسائل التواصل الاجتماعي المتحرّرة من الرقابة والإرشاد في إفساد وانحراف الأطفال والمراهقين وحتى كبار السن أحيانا وتلعب دورا كبيرا في تفكك الأسرة وحالات الطلاق او الانحراف ...
اننا ندعو لإعادة النظر في منظومة وفعاليات تحصين المجتمع الأهلي دينيا وأخلاقيا، وخصوصاً أن المعركة مع الاحتلال والغزاة واعداء الأمة طويلة ولا أوقات استراحة بين معركة وأخرى او بين غزو وآخر، وان عملية تأجيل حماية وصيانة المجتمع حتى تهدا الأمور، ستؤدي الى نتائج خاطئة وخطيرة ولا بد من توزيع المهام في منظومة المقاومة وتسهيل الطريق أمام المختصين والقادرين للانخراط في المقاومة الإعلامية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية دون تردد او خوف او إهمال ...
اننا نتعرّض لحرب ساخنة قاسية اقتصادية وعسكرية وأمنية بالتلازم مع حرب ناعمة تتسلل الى بيوتنا وشبابنا وفتياتنا دون رقابة تعمل على تخريب ثقافتنا وتقاليدنا وأعرافنا الحسنة لصالح مفاهيم وسلوكيات خاطئة منحرفة والتي سيتم دعمها بقوانين وقرارات تحمي الانحراف وتفكك الأسرة والمجتمع عبر المؤسسات الدستورية والوزارية والنيابية تحت عناوين حقوق الانسان وحرية المعتقد في الوقت الذي يتم منع الفتاة المحجّبة من التوظيف او الدخول إلى سلك القضاء الرسمي في لبنان. ويتم السماح للمثليين بكل الوظائف...!
للمبادرة لقيام مقاومة ثقافية وإعلامية واقتصادية لحماية من يحمل السلاح ويرابط على الجبهات حتى لا يعود الى أسرة ومجتمع متفكك ومنحرف ...فيكون قد حّرّر الأرض والناس من الاحتلال، ولم يستطع حماية عقولهم من الاحتلال الثقافي...الخطر والمستدام...فالجهاد الأكبر لا يقل أهمية عن الجهاد الأصغر بل ويتقدم عليه لأنه جهاد النفس وتحصينها من الموبقات...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل