مقالات مختارة
17 أيار/ مايو 1983 يوم العار على السلطة اللبنانية التي أرادت بشخص بشير الجميل آنذاك أخذ لبنان نهائيًا الى الزمن الاسرائيلي. "اتفاقية سلام" أرادتها كل من الولايات المتحدة الاميركية وكيان العدو والسلطة اللبنانية أن تمر بهدوء لتكون مفصلًا يقتلع لبنان من مركزه العروبي وينقله الى موقع الحلف مع الكيان. لكن لبنان العصي على التطبيع منذ تلك الحقبة، شهد مقاومة سياسية وشعبية أسقطت اتفاق العار، فانطلقت المظاهرات الغاضبة من مسجد الإمام الرضا "ع" - بئر العبد في الضاحية الجنوبية بدعوة من تجمع العلماء المسلمين في لبنان، حيث ووجه المعتصمون السلميون برصاص "السلطة الجميلية"، وارتقى الشهيد محمد نجدي.
أمّا في المجلس النيابيّ، فبرز صوتان وحيدان معارضان لاتفاقية العار خلال جلسة عقدت للتباحث حولها، وهما النائبان نجاح واكيم وزاهر الخطيب.
واكيم: الرهان كان على الشعب الذي يرفض تحول لبنان إلى محمية "اسرائيلية"
وفي أجواء ذكرى اتفاقية العار، يوضح رئيس "حركة الشعب" نجاح واكيم في تصريح لموقع "العهد" الإخباري أن "المفاوضات حينها لم تكن بين لبنان والكيان الصهيوني، بل كانت بين الوفد الإسرائيليّ والوفد الأميركيّ"، مشيرًا الى أن "بعض الأشخاص من الوفد اللبنانيّ كانوا موظّفين لدى المخابرات الأميركيّة، ويمثلونها ويعملون بتوجيهات فيليب حبيب، وكل ذلك من أجل إضعاف الروح الوطنيّة لدى الشعب اللبناني، خصوصًا أنّ الولايات المتحدة، نظّمت العدوانَ الإسرائيليَّ عام 1982، بدعم إقليمي وأبرز أطرافه المملكة العربيّة السعوديّة التي كانت مع إبرام إتفاقية 17 أيار".
ويضيف واكيم الشاهد على تلك المرحلة "حاولنا أن نسجّل رفضًا لدخول لبنان في العصر "الإسرائيلي" وكنّا مستعدين أن ندفع دمَنا ونضع أرواحنا على أكفنا ثمنا لهذا الرفض، كنّا نراهن على الشعب الشريف الذي لا يقبل أن يجعل لبنان محميّة لـ"إسرائيل"".
زاهر الخطيب: هذا القرار ولد ميتا
ثاني النواب الرافضين للاتفاقية وآخرهما، رئيس رابطة الشغيلة النائب السابق زاهر الخطيب، يلفت في حديث لموقع "العهد" الى أن "هذه الاتفاقية المشؤومة هي من الأسس التي أرادتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني من أجل إدخال لبنان في نفق السلام المزعوم مع الكيان، ودعمها ولي العهد السعودي يومها فهد بن عبد العزيز، وعارضها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، الذي كان داعمًا للمقاومة اللبنانية ضد العدو، وكان أبرز أعلامها حزب الله وحركة أمل".
الخطيب كان متيقنا هو وزميله واكيم من أن "هذا القرار ولد ميتا، لأن هناك دولا لم تشارك في المفاوضات، كسوريا التي دعم رئيسها الراحل حافظ الأسد المقاومة اللبنانية بكل ما يلزم من أجل إسقاط هذا الإتفاق، ما أدّى إلى غسل عاره بعد شهر واحد على انتفاضة 6 شباط/ فبراير 1984، إذ إن الحكومة اللبنانية قررت في 5 آذار/ مارس 1984 إلغاء الاتفاق واعتباره باطلا بكل مضامينه".
رفض الخطيب اتفاق الذل والعار لأنه "لا يحمل قيماً ولا أخلاقًا، وفي سبيل هذا الرفض يستحق الانسان أن يموت فيبقى الوطن بعزّ وإباء، وذلك لا يكون إلا بالمقاومة الشعبية والمسلحة وهي الخيار الأوحد للشعوب لتحرير أوطانها".
يلخص رئيس رابطة الشغيلة الهدف من تلك الاتفاقية بقوله إن "النظام اللبناني أراد اللجوء إلى التطبيع التدريجي لمصلحة أمريكا و"إسرائيل"، ابتداء بعقد اتفاقات تجارية، والغاء المعاهدات والقوانين والانظمة التي تعتبر متعارضة مع هذا الاتفاق، وصولا إلى تشكيل حزام أمني في الجنوب من الجيشين اللبناني و"الاسرائيلي" بدوريات مشتركة، تحميه قوات محلية الحزام بمساندة مجموعات من القوات العميلة التابعة لأنطوان لحد".
يؤكد الخطيب لـ"العهد" ان الشعب اللبناني انتصر على السلطة المتخاذلة التي وقّعت هذا الاتفاق المشؤوم بمقاومته ودماء شهدائه في الوقت الذي كانت "إسرائيل" تعتبر نفسها في لبنان هي الحاكم والآمر الأول والأخير".
مصطفى عواضة ـ المنار