أقلام الثبات
لا بُد بداية من الإشادة بالتسونامي البرتقالي الذي أحدثته عكار، وجرفت عن نفسها أمثال الوصولي هادي حبيش الذي دبَك سابقاً على دماء الجيش اللبناني خلال مواجهته للإرهاب، أو التكفيري خالد الضاهر الذي ناوله سمير جعجع القربانة الأولى خلال إفطار معراب، والى جانبه أشرف ريفي الذي لم يجِد جعجع أشرف منه للتحالف معه إنتخابياً وسياسياً، حتى جاء الردّ من عقر الدار بشرِّي، التي وصلها دفقٌ كبير من السيل وقُصم ظهر القوات عبر وليم طوق، وصُفِعت فيها الست رضا ذات الدشداشة البدوية التي سالت أمامها مشاعر الخليجيين وبعض العمائم المشبوهة في ذلك الإفطار الشهير.
لكن إنجاز عكار وبشري ومعهما خرق جورج عطالله في الكورة، لا يعفي العونيين من واجب مراجعة أرقام مجد حرب في البترون، "مجد بن بطرس" الذي أمضى والده نصف قرنٍ في المجلس النيابي بمواقف مثل الزفت ما عدا في الطرقات، ليحمل نجله على أكتافه أرذل أنواع الأسلحة ويُقارع فيها بطل سدّ المسيلحة جبران باسيل في قلب البترون.
لِتكُن لدى العونيين جرأة الإعتراف، أنهم من بين كل القوى السياسية على الأرض الإنتخابية، كانوا كما الديوك "المُتناقرة" في أكثر من ساحة، وأن الخسارة في "قلعة جزين" لا تقلُّ فداحة عن هزيمة جعجع في بشرِّي، وأنهم أخطأوا في أكثر من جبهة مواجهة، وسقطوا كما الهواة في أكثر من حُفرة، في طمعٍ غير مُبرَّر للوصول ولو على حساب وحدتهم الى مجلس الديوك واقتسام االمزرعة!
لا مبرِّر على الإطلاق لإحراق نائب مُناضل مثل آدي معلوف في المتن، ليس خوفاً من مواجهة ملحم رياشي، بل حرصاً على القاعدة الناخبة التي "تناتشت" الأصوات التفضيلية تارة من النائب الراقي الياس بو صعب وطوراً من ألمع نائب عوني إسمه ابراهيم كنعان، وكان الأجدى عدم توريط الآدمي آدي معلوف ومعه قاعدته الشعبية في مُنازلة ديوك بين أبناء البيت الواحد.
ونُعرِّج على الشوف ونتساءل، ما جدوى الإستماع الى مشورة وئام وهاب وترشيح النائب النبيل الكريم فريد البستاني على نفس لائحة ناجي البستاني، وماذا جنى وهاب من تعنُّت المواقف التي ترتدّ دائماً عليه شخصياً وعلى حلفاء المقاومة؟. وإننا إذ نشكر الله على فوز فريد البستاني المُستحق نتيجة سيرته ومسيرته على المستويين التشريعي والخدماتي، نصِل الى بيت القصيد والى الكارثة التي وقعت في جزين نتيجة صراع الديوك بين زياد أسود وأمل أبو زيد، وخروج كليهما ومعهما النائب الكاثوليكي العوني.
البعض يعتبر زياد أسود نمر جزين، لأنه رمز للخطاب عالي السقف، لكن الإستعلاء بالعُرف الأحمر دون قُدرات مواجهة في ساحة الخصم لا فائدة منه، ومَن قال أن جزين لا تُصان كرامتها سوى بهذا الأسلوب؟!
زياد أسود في خطابه السياسي لديه تيار داخل التيار، ومع كامل إحترامنا لمؤيديه، بلغ الأمر بالبعض الى الإنزلاق في الصياح غير المُجدي، وليعترف التياريون بذلك.
أهدروا سنتين في المطالبة بشامل روكز لقيادة الجيش واحترق إسمه، ودخل المجلس النيابي بأداء هزيل وأحرق نفسه وأحرقهم، وكل ذلك يعتبر هفوات أمام الخطأ القاتل على مدى خمس سنوات من عهد الرئيس ميشال عون، بخوض معركة النائب جبران باسيل لوراثته في بعبدا بدل أن نكون جنوداً خلف ساكن بعبدا، ونجحنا للأسف في إيجاد مادة للخصوم لمهاجمتنا، وانزلقنا الى مستواهم في الخطاب السياسي وتناسينا هموم القواعد الشعبية التي لم يعرف التيار كيفية الحفاظ عليها كظاهرة تسونامي دائمة، والفضل في أي نصر إنتخابي ليس لديوك التطرُّف في التيار بل لإخلاص العونيين، ومَن وصل الى المجلس قد وصَل وحان وقت العمل من أجل الناس بلا جعجعة ولا صياح...