أقلام الثبات
كل اللبنانيين يطمحون للتغيير ولكن، كلٌّ على طريقته، ولهذه الأسباب لن يشهد المجلس النيابي القادم تلك التغييرات الجذرية، والعبارة المُتداولة على ألسُن بعض الناخبين المُترددين هي: "نرغب التصويت لإحدى لوائح المعارضة لكن أيَّاً منها لن تبلغ الحاصل". وإذا كانت هزيمة لوائح التغيير على امتداد لبنان من قبيل التحصيل الحاصل، فلأنها للأسف تحصد في الصناديق ما زرعته في الشارع، ونجِد أنفسنا متضامنين مع كل لبنانيِّ ثار وسرقوا ثورته، دون الحاجة الى التفاصيل.
محلل سياسي قال: لو توَّحدت جماعات الحراك لكانت حصدت نصف المجلس النيابي القادم، لكننا نرى في الأمر مبالغة، لأن المسألة في أذهان العقلاء ليست ضمن المنطق الأعوج لعبارة "كلُّن يعني كلُّن"، وتمسُّك الحناجر بهذا الشعار هو الذي قضى على أحلام التغييريين "كلُّن" لعدة أسباب، أولها عدم الوحدة في الشكل وثانيها وثالثها وآخرها عدم الوحدة في المضمون، ولو أن الشكل ما كان يتطلب مثالية الى حدّ إنبات قائد للثورة، والمضمون ما كان يتطلب أكثر من توحيد ورقة مطلبية.
نحن لم ولا ولن نتناول في عرض موضوع الحراك، أولئك الذين وضعوا آمالاً في ثورة تُنهي عذاباتهم الخانقة على المستويات الإجتماعية والإقتصادية وحتى السياسية، بل نحن نعني مَن اعتلوا أكتاف المواطنين وجنوا الشهرة والمال على حساب دموعهم، واستخدموهم كما الأراغيل في "استراحة مُحارب" و"قيلولة أزعر" ونسأل الناخبين المترددين مجدداً: كيف تراهنون على حراك غدا حراكات، وثورة باتت ثورات، ولائحة مرشحين ثوريين عن منطقة واحدة أصبحت لوائحاً، والجواب: أن هذه التي يُسمُّونها ثورة هي نتاج مجتمعنا في كل تناقضاته، الذي فشِل في توحيد كتاب التاريخ، ويعتقد أنه في بلطجة الشوارع قادرٌ على كتابة التاريخ.
كيف للناخبين المُترددين أن يُقنعوا أنفسهم، أن مَن قطَع الطرقات وقطَع الأرزاق، ومَن أحرق ودمَّر، ومَن عاث في الأرض فساداً، يُمرِّر هذا الزعيم الفاسد على أجساد الثوار، ويُداهم المطاعم للمرجلة الفارغة على سياسي آدمي يتناول لقمته، ويتغاضى عمَّن التهم وطناً، وهنا يحضرنا السؤال: نحن معكم، نُقسِم بالله أننا معكم للتغيير ولكن: هل ثقافة راشقي الحجارة وتصرفات لُقطاء الأرصفة تُنجِب بُناة وطن ودُعاة تغيير ؟!
لا تتذرعوا أيها المترددون بالحجج الواهية لتبرير التردُّد، تارة بسلاح الحزب، وطوراً بالقدرات التي تمتلكها الأحزاب على المستويات المادية والإعلامية والسياسية، واختاروا مَن ترونه مناسباً ولكن، حذاري من أولئك الغيلان الذي تقاضوا أتعاب الحرام على كل رأسٍ أنزلوه الى الشارع لتدمير الوطن، وحذاري مُضاعفة من تجارة الرقيق الأبيض في موسم الإنتخابات، وسوف يشترونكم باللبناني لبيعكم بالدولار، ونحن نُدرك وسائل الإستثمار في أوجاع الضعفاء، وكما كانت الثورة سوق بازار لمنافع البعض، فإن الإنتخابات بسطات خضار، على أمل أن يرفض اللبنانيون مقولة "عالسكين يا بطيخ"، وفرصة التغيير بعد الإنتخابات ما زالت سانحة، متى نُدرِك جميعاً ماذا نريد وتلفظ صناديق الإقتراع أسماء مَن اعتلوا أحلام الناس بكل وسائل الحرام...