غطاء دولي لإجراء الإنتخابات، أم لمنعها وتأجيلها؟ ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 27 نيسان , 2022 09:14 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تصريحات الرئيس سعد الحريري وتبريراته غير المتفائلة بالوضع اللبناني، حين أعلن تعليق نشاطه السياسي وعزوفه عن الترشُّح لإنتخابات أيار 2022، ليس بالضرورة أن تكون مرتبطة فقط بوضعه الشخصي على الصعيدين الشخصي والمالي، وأن من شروط إقامته في الإمارات للعمل، الإبتعاد عن السياسة والتفرُّغ للإستثمارات المُتاحة له بهدف تسديد ما يتوجَّب عليه للمؤسسات الحكومية والمصرفية في السعودية.

الحريري بدا مُغالياً في تشاؤمه، والبعض اعتبره مُبالغاً في توقعاته ولكن، يبدو أن دخان النار التي كان يخشاها يتظهَّر عند كل حدث أمني يظهر مؤخراً، خاصة عندما تتزامن المناوشات الإنتخابية في أكثر من منطقة، مع ما حدث في طرابلس من غضب شعبي وإشكالات مع الجيش اللبناني على خلفية غرق زورق المهاجرين، وحصول إشتباكات "عائلية" في منطقة عائشة بكار، مما يعني، أن أي إنزلاق نحو فوضى أمنية في منطقة ما، كافٍ للنظر بتأجيل الإنتخابات.

ومع استمرار الحصار الأميركي/ الغربي على لبنان عبر "قانون قيصر"، والعرقلة الأميركية الواضحة في استثناء استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن من هذا القانون، رغم جهوزية سوريا في هذا الأمر منذ فترة طويلة، فإن التضييق الذي بلغ حدود الخنق الإقتصادي المُتعمَّد، خاصة عبر ألاعيب منصَّات السوق السوداء للدولار الأميركي، فإن التساؤل المشروع ونحن قاب أسبوعين من موعد الإنتخابات هو: هل هناك غطاء دولي لإجراء الإنتخابات رغم الأجواء القاتمة، أم أن القتامة سوف تزيد من خلال التوتيرات الأمنية، والدفع باتجاه منع إجراء الإنتخابات في موعدها للمزيد من الضغط على العهد وعلى المقاومة، بعد أن أكَّدت معظم استطلاعات الرأي أن الأكثرية النيابية القادمة لن تُرضي الغرب وجماعة السفارات في لبنان؟ 

واقع الأرض الإنتخابية الذي يؤكد حصول قوى 8 آذار على الأكثرية النيابية، وزيادة الكتلة السُنِّية المؤيدة للمقاومة على حساب بقايا 14 آذار، قد تكون الدافع الرئيسي لخصوم المقاومة على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية، والخضَّات الأمنية التي اعتاد اللبنانيون التعايش معها في الماضي، لا يسمح وضعهم المعيشي الحالي باحتمالها، مهما تدفَّق عليهم من مال إنتخابي وقسائم مشتريات، لأن الشحّ المادي لدى معظم المرشحين لا تُعوِّضه الوفرة لدى مَن يعتمدون على التمويل الخارجي، خاصة أن انعدام الثقة بين المُرشَّح والناخب بلغ ذروته في ظل القانون الإنتخابي الحالي الذي يستحيل معه ضبط قرار الناخب ومزاجه خلف الستارة.

ولأن التعويل الدائم على ضبط الأمن هو على الجيش اللبناني، فإن محاولة البعض التصويب على الجيش في كارثة الزورق هو الأخطر على الإطلاق، فتناسى البعض في الشارع الطرابلسي المُجرم الأكبر الذي هو المُهرِّب لهؤلاء المواطنين اليائسين، وتناسوا الخطأ القاتل لقائد الزورق الذي حمَّله أضعاف قدرته وتجاهل تحذيرات عناصر البحرية العسكرية بعدم الإبحار، وعندما حصلت الكارثة الكبيرة حاولوا تحميل المسؤولية للجيش وهذا ما لا يُصدِّقه ولا يتقبَّله أي لبناني على امتداد الأرض اللبنانية، لكنه لم يمنع من تأجيج النفوس المشحونة التي تستدرج الناس الى انزلاقات مُخلَّة بالأمن، وأي تكرار للأحداث الأمنية لأي سبب كان، هو ضغط على السلطات السياسية، ودافع الى تأجيل الإنتخابات وتأزيم الأزمات، لِتُحقق الجهات الإقليمية والدولية عبر أدواتها الداخلية ما عجِز عن تحقيقه "قانون قيصر" ...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل