مَن يستفيد من الفوضى الأمنية؟ ـ د.ليلى نقولا

الإثنين 25 نيسان , 2022 09:23 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تعكس الأجواء الانتخابية في لبنان عودة للمجلس النيابي بتركبيته وغالبيته القديمة، بالرغم من خلط بعض الأوراق وتوّقع دخول بعض وجوه المجتمع المدني الجديدة، لكن من دون قدرة على تحقيق اختراق كبير.

وتشكّل هذه الاحصاءات والاستطلاعات (إن صحّت)، خيبة لداعمي المجتمع المدني من قوى محلية وشعبية وسفارات وقوى خارجية، وخصوصاً أن كثراً في الخارج راهنوا على تغيير سياسي شامل في لبنان بعد انتفاضة 17 تشرين، متكلين على أن أوان التغيير السياسي قد حان وأن الغالبية النيابية التي حصل عليها حزب الله والتيار الوطني الحر والحلفاء في المجلس النيابي السابق قد حان أوان انهائها الى الابد.

كانت خطة الإطاحة بنفوذ حزب الله والتيار الوطني الحر في لبنان، تسير على قدم وساق، وكان من المفترض أن تتوّج بانتخابات نيابية تعيد تشكيل السلطة بشكل شامل، لكن واجهتها المشاكل التالية:

1-  انقسام عامودي وأفقي بين أحزاب وقوى المجتمع المدني:

كان المأمول من هذه الانتخابات، أن تقوم قوى 14 آذار بالتحالف مع قوى المجتمع المدني لتشكيل لوائح موحدة تطيح بالتيار الوطني الحر وقوى 8 آذار، مستعينة بمال وفير وإعلام مجنّد لخدمتها منذ ما قبل تشرين الأول 2019، ودعم سفارات خارجية تقوم بمهمتين: تقويض كل أنواع الانفراج السياسي والاجتماعي والاقتصادي والحياتي للضغط على العهد والقوى السياسية الأخرى (الموجودة في السلطة) وتحميله مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، وتقديم دعم غير مسبوق للقوى الأخرى لمساعدتها على النجاح في الانتخابات. لكن التنافس بين تلك القوى، وعدم قبول قوى أخرى التحالف مع قوى 14 آذار باعتبارها قوى السلطة، عطّل هذه الامكانية.
 
2-  تغيّر المزاج الشعبي بعد مرور أكثر من سنتين على "الثورة"

كان يمكن لحركة 17 تشرين الأول أن تشكّل فارقاً نوعياً في الاشهر الأولى لحصولها، ولكن الوقت كشف الكثير من الحقائق حول هذه "الثورة" ومموليها وأهدافها وشعاراتها ومَن ورائها. هذا دفع بالعديد من المواطنين الى العودة الى أحزابهم القديمة بعدما تبيّن أن الجديد المطروح لا يرقى لمستوى التغيير المطلوب في لبنان، أو أنه يشكّل ( في بعض الأحيان) نموذجاً أسوأ من السلطة الحالية بكثير، بدليل أن المساعدات التي أعطيت للمجتمع المدني بعد انفجار بيروت،  كما الأموال التي صرفت في 17 تشرين وما تلاها قد ذهبت بمعظمها إلى جيوب المستفيدين من دعاة التغيير، الذين أثروا على حساب المساعدات الإنسانية والاموال الخارجية.

واليوم، يبدو ان هناك مَن هو متضرر من حصول الانتخابات، سواء لجهة الوعود التي قطعها للجهات التي ينتمي إليها، أو لجهة الإحراج الذي يمكن أن تسببه عودة الغالبية والقوى السياسية نفسها مع تغيير طفيف في الوجوه، لذا قد يكون هناك حاجة لتوترات أمنية ومشاكل تعطّل الانتخابات أو على الاقل تؤجلها الى أن تنجلي التطورات في الاقليم فلا يحتسب ربح حزب الله الانتخابي من ضمن الأوراق التي يمكن استخدامها في مفاوضات التسوية في الاقليم. كما قد يكون في التوتر الأمني فائدة مزدوجة: إنهاء الاحراج الانتخابي ومنع زيارة البابا الى لبنان في عهد الرئيس عون.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل