أقلام الثبات
في السابع عشر من نيسان من كل عام يحيي شعبنا يوم أسراه الأبطال في معتقلات كيان الاحتلال الصهيوني. ففي العام 1974،أقرّ المجلس الوطني يوم السابع عشر من نيسان يوماً وطنياً للأسير الفلسطيني، الذي لا تزال قضيته تحتل الحدث الأهم من بين الأحداث والتطورات التي تشهدها فلسطين المحتلة بأبعادها الجغرافية كافة، بدءاً من مناطق 48 والضفة الغربية بما فيها القدس،
وحتى قطاع غزة. عنوان الأسرى تكاد تكون من بين العناوين الوطنية الفلسطينية التي تحظَّى على الإجماع الوطني بالمستوى الشعبي والفصائلي، حيث هذا الالتفاف مرده لأسباب تقف في مقدمتها أولاً، أنّه لم تبق عائلة فلسطينية في الوطن المحتل لم يدخل أحد أفرادها المعتقلات الصهيونية، حيث تجاوز عدد الأسرى منذ العام 1967 أكثر من مئة ألف أسير. وثانياً، أنّ الأسرى هم رمز للمقاومة والصمود في مواجهة سياسات البطش والتعسف التي تمارسها إدارة سجون الاحتلال. وثالثاً، أنّ الأسرى هم الأكثر تعرضاً لتلك السياسات الإجرامية الهادفة لكسر إرادتهم وتهميشهم وإخضاعهم وتحويلهم إلى أرقام ليس إلاّ. ورابعاً، الحراك الشعبي والجماهيري المتواصل من قبل أهاليهم ، والفصائل والنخب والمؤسسات والمنظمات والهيئات لنصرة الأسرى ودعم نضالاتهم لكسر قوانين وإجراءات العدو بحق الحركة الأسيرة. تلك القوانين المتمثلة في سحب الجنسية من أسرى الأراضي المحتلة عام 1948 كإجراء عقابي عنصريّ، والتضييق على حق الأسير بالزيارة من خلال تحديد الزيارة بزيارة واحدة كل عام. وتشديد شروط السّجن على الأسرى ، والذي خرج به الاحتلال بعد عملية " نفق الحرّيّة " وفي إطار نهج سياسة العقاب الجماعي، واستقدام قوات من جيش الاحتلال لإدارة السجون ، وذلك لتعزيز وجود قوات في الأقسام التي يقبع فيها فقط الأسرى الفلسطينيون لفرض مزيد من القمع والإرهاب بحقهم. وبهذا المعنى فقضية الأسرى تواجه تحديات خطيرة على مستوى نوع التشريعات التي تعلنها حكومة الاحتلال واللجان التي شُكّلت بقرار سياسي لفرض مزيد من القمع بحقهم، وقد تصاعدت منذ عام 2018 بتشكيل لجنة " أردان ".
في يوم الأسير لابد من إعادة التذكير بمن يقبعون خلف معتقلات وزنازين الاحتلال الصهيوني. فالإحصائيات التي تنشرها مراكز دراسات الأسرى عن أعدادهم وشهدائهم وفئاتهم العمرية، ومدد أحكامهم وما يعانونه من أمراض، تشير إلى أنّ عدد أسرانا وصل 4400 أسير يتوزعون على 23 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف وتحقيق، منهم 370 من القدس، و105 من المناطق المحتلة في الثمانية والأربعين، و210 من قطاع غزة، و3696 من الضفة الغربية، بالإضافة إلى 19 أسيرا عربيا أردنيا. وهم يتوزعون في أحكامهم على، 2670 أسير محكوم و490 أسير إداري، و1420 موقوف. وفئاتهم العمرية هي، 34 أسيرة من بينهن 20 محكومات بأحكام مختلفة وأسيرتين في الحكم الإداري، و170 طفلا لم يتجاوز عمرهم 18 سنة، منهم 3 اعتقال إداري، و7 نواب منهم 5 إداري و2 أحكام مرتفعة، و48 من محرري صفقة وفاء الأحرار، و18 صحافي، و600 مريض من بينهم 132 أمراض مصنفة خطيرة، و 15 سرطان و22 معاقا حركة ونفسيا، و4 شلل نصفي و16 مقيم بصورة دائمة في مشفى الرملة. وشهداء الحركة الأسيرة منذ العام 1967 بلغ عددهم 227 شهيدا منهم:73 نتيجة التعذيب، و72 إهمال طبي، و75 القتل العمد، و7 أصيبوا بأعيرة نارية وهم داخل المعتقلات. أما عمداء أسرانا فعددهم 155 أمضوا 20 عاماً ومنهم، 14 تجاوزوا 30 عاماً وأقدمهم كريم يونس، و25 أسيراً منذ اتفاقات "أوسلو" العام 1993.
في يوم الأسير الفلسطيني، لا يزال أسرانا يحذوهم الأمل في تحقيق حريتهم رغم قسوة السجن وقمع الاحتلال لهم، من خلال إبرام صفقة تبادل جديدة في ظل استمرار المقاومة الفلسطينية أسر 4 من الجنود الصهاينة منذ سنوات وترفض إطلاقهم من دون تحقيق مطالب المقاومة بالإفراج عن أسرانا. نختم بالقول، أنّ عملية "نفق الحرية" مطلع شهر أيلول 2021، شكّلت تحوّلاً هامّاً على صعيد المواجهة داخل سجون الاحتلال ومعتقلاته، وبالتالي جاءت رداً على أعمال التّنكيل التي فرضتها تلك الإدارة العنصرية بحقّ اسرأنا الأبطال الذي نوجه لهم التحية لهم ولتضحياتهم. ونقول لهم وإن كنتم تفقون في الحديقة الخلفية لمقاومة شعبنا ضد الاحتلال وسياساته الإجرامية، فأنتم كنتم وستبقون عنواناً لنضالنا وكفاحنا الوطني التحرري.