أقلام الثبات
كلما إقترب موعد إجراء الإنتخابات النيابية المرتقبة، التي يفصلنا عنها أقل من شهرٍ، يثبت ثنائي التيار الوطني الحر وحزب الله وحلفائهما، تماسك التحالف السياسي- الإستراتيجي بينهم قبل الإنتخابي، تحديدًا في شأني التمسك بخيار المقاومة لتحرير الأرض وحماية ثروة لبنان، والحفاظ على العلاقات اللبنانية- السورية، كذلك السعي الدائم الى تفعيلها وتطويرها لما فيه مصلحة البلدين. وهذا ما أكده رئيس "التيار" النائب جبران باسيل في حديثٍ صحافيٍ أدلى به في الساعات الفائتة، كاشفًا أن زيارته المنتظرة الى دمشق باتت قاب قوسين أو أدنى، وقد تحصل قبل موعد إجراء الإنتخابات، للبحث في بعض الشؤون المشتركة التي تخص البلدين، وهي ذات طابعٍ شعبيٍ وسياسيٍ ورسميٍ واقتصادي ومشرقيٍ.
وما يؤكد أيضًا تماسك هذا التحالف السياسي وتوافق مكوناته على رؤىٍ إستراتيجيةٍ موحدةٍ، خصوصًا في ضوء الهجمة الخارجية غير المسبوقة على المقاومة وحلفائها، هو اللقاء الذي جمع باسيل برئيس تيار المرده سليمان فرنجية الى مائدة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، حيث أكد الزعيمان المارونيان فتح صفحةٍ جديدةٍ بين "التيار" و"المرده"، و"أن اللقاء حقق هدفه لجهة تجاوز القطيعة غير المجدية بيننا"، على حد قول باسيل. فجاء وقع هذا اللقاء كالصاعقة على رؤوس أطراف "فريق السفارات"، وهذا ما لم يكن متوقعًا لدى هذا الفريق، الذي إعتاد أن لا يعيش وينمو إلا في أجواء الإغتيالات والتحريض الطائفي والمذهبي والشقاق والخلافات، منذ العام 2005، بعدما إستغل دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن لحقه. أضف الى ذلك محاولاته الدائمة للنيل من قدسية المقاومة، وحليفها الأول التيار الوطني الحر، ورئيسه، وتشويه صورته أمام الرأي العام حتى يومنا هذا، غير أن دينامية باسيل والحضور الشعبي "للتيار"، بدد أوهام "فريق السفارات". ولاريب أن "التيار" يخطو خطوات واثقةٍ نحو تحقيق انتصارٍ سياسيٍ محليٍ وإقليميٍ، أبعد من الانتخابات النيابية التي جاءت النتائج المتوقعة لمختلف إستطلاعات الرأي التي أجرتها شركاتٍ محلية وأجنبيةٍ لهذه الإنتخابات، كلها كانت لمصلحة تحالف "التيار- الحزب"، الذي قد يحصد من 71 الى 74 مقعدًا في البرلمان، بحسب معلومات مصادر سياسية متابعة، هذا إذا لم يعمل الفريق المذكور ومن يقف خلفه على تطيير الإستحقاق الإنتخابي.
وسبق ذلك، وقف الحملات الإعلامية المتبادلة بين "التيار" وحركة أمل، مع تأكيد الأول إختلافه مع الثاني في العديد من الرؤى والتطلعات السياسية والنهج، تحديدًا في شأني بناء الدولة وإدارة الحكم. مع ذلك، فإن وقف هذه الحملات، أغضبت فريق المراهنات الفاشلة والمستدامة منذ نشأته في العام 2005 وصولًا الى تشتته اليوم، فلم يكن في حسبانه، إنعقاد لقاء قطبين مارونيين باسيل- فرنجية في المرحلة الراهنة، بعيدًا من حسابات الإنتخابات النيابية والرئاسية، مع العلم أنها تسهم حتمًا في إراحة الأجواء الإنتخابية خلال إجراء إستحاق 15 أيار. لطالما أن الفريق المذكور إعتاش ويعتاش على أجواء الإغتيالات والخلافات بين اللبنانيين، فهو أشبه بالعفن الذي يعيش على الأوراق الميتة. لذا سيلجأ الى إطلاق حملاتٍ تضليليةٍ إعلاميةٍ كبيرةٍـ وبث إشاعاتٍ، متكأً على المال السياسي الذي في حوزته، بحسب معلومات موثوقة لدى مسؤولين في فريق المقاومة، بعدما أظهرت مختلف نتائج الإحصاءات تراجع شعبية "فريق السفارات" رغم ضخامة المال الإنتخابيٍ الخارجي الذي أنفق عليه.
فسيستهدف تحالف "التيار- الحزب"، وفي شكلٍ خاصٍ باسيل وفريقه، تحديدَا البعثات الدبلوماسية القريبة منه، خصوصًا بعدما أبدى إنفتاحه على جميع المكونات اللبنانيين، ولكن إنطلاقًا من الثوابت الوطنية التي يتمسك بها "التيار"، تحديدًا لنواحي بناء الدولة القوية، والتمسك بخيار المقاومة كحقٍ في إستعادة الأرض وحمايتها، وإقامة أفضل العلاقات مع الدول العربية، وفي مقدمها سورية. من هنا أكد إقتراب موعد زيارته لدمشق. ولاشك أن الزيارة ستكون لها إرتدادات إيجابيةٍ وأيضًا من الناحية المعنوية، على العملية الإنتخابية، خصوصًا لدى الناخبين اللبنانيين المؤيّدين لسورية، وتوجههم في إستحقاق أيار المقبل، رغم تأكيد القيادة السورية بعدم تدخلها في الإنتخابات، تختم المصادر.