أقلام ـ الثبات
رسالة ناريّة وجّهها الرئيس الرّوسي فلاديمير بوتين امس وبشكل مباشر "الى من يهمّهم الأمر" في ذروة انطلاق المرحلة الثانية من العمليّة العسكرية الروسيّة في اوكرانيا، عبر حسمه مُسبقا لنتائجها وقوله "إنّ أهدافها ستتحقّق من دون شكَ".. رسالةٌ آثر بوتين توجيهها بعد ضربتّين مُدوّيتيَن سدّدتهما قواته في مرمى واشنطن والناتو في يوم واحد: السيطرة بالكامل على ميناء ماريوبل، وتدمير منظومة "اس300 "- "ألهديّة " الأميركية التي سعت واشنطن لإرسالها الى اوكرانيا، وتباهت سلوفاكيا بإعلانها يوم الجمعة الماضي" انّ المنظومة باتت بالفعل هناك، وانه تمّ نقلها في سريّة تامّة خلال اليومين الماضيين". الا انّ القوّات الرّوسيّة لم تنتظر طويلا للإنقضاض على "الهديّة" الصاروخيّة في مخبئها السرّي، حيث اعلنت وزارة الدّفاع الروسيّة اوّل امس الإثنين، عن تدميرها بصواريخ عالية الدقّة لمنظومة "كاليبر" البحريّة، وافادت بسيطرة قواتها على اقوى تحصينات القوّات الأوكرانيّة في منطقة خاركوف".. وسط معلومات مصادر روسيّة ألمحت الى انّ مرحلة ما بعد حسم ماريوبل غير ما قبلها، "وانّ اندفاعات ضخمة وسريعة للقوات الرّوسيّة باتت مرتقبة من القرم نحو دونباس".
وفيما لفت نائب مجلس الدّوما الروسي من جمهورية القرم ميخائيل شيريميت، انّ السيطرة على ماريوبل تشكّل ضربة قاسمة لواشنطن والناتو، لأنها المدينة التي يختبئ فيها مدرّبو الحلف العسكريين كما ممثّلوا اجهزة استخبارات عدد من الدول الغربية، أعلن الرئيس الشيشاني رمضان قديروف في تسجيل مصوّر عبر قناته في تلغرام، انّ هجوم القوات الرّوسيّة لن يقتصر على ماريوبل، "بل ايضا على العاصمة الأوكرانيّة كييف وغيرها"، في وقت برز تطوّر خطير على الضفّة المقابلة.. فالأمر لم يَعُد محصورا باستجلاب عشرات الاف المرتزقة للقتال الى جانب القوّات الأوكرانيّة ودعمها بأسلحة تقليديّة. فتوريد الأسلحة الفتّاكة" الى اوكرانيا من قِبَل واشنطن والناتو بات سياقا متصاعدا مؤخرا ما يُنذر بمرحلة خطيرة قد تتجاوز الحدود الأوكرانيّة، سيّما انّ تقارير غربيّة عدّة كشفت عن تواجد وحدات نخبة من القوّات الخاصّة الأميركية والبريطانية في الميدان الأوكراني، ومن ضمن تلك التقارير لمراسل صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية جورج مالبرونو، الذي فضح "مشاركة مباشرة لجنود الخدمة الجوّية البريطانيّة الخاصّة – SAS الى جانب الجيش الأوكراني والمجموعات النازيّة، اضافة الى جنود الوحدة العمليّاتيّة الأولى لقوّات "دلتا" الخاصّة التابعة للجيش الأميركي..
وبينما حذّر محلّلون صحافيّون ومواقع اخباريّة اميركية مما أسموه "خطورة التّسليح الطائش" للكتائب القوميّة الأوكرانيّة، باستنساخ لطريقة تسليح "الجهاديّين" في سورية والعراق- وفق ما جاء في تقرير نشره موقع " The American Conservative" الأميركي والذي نبّه من "امكانيّة ان ينعكس هذا الأمر الخطير على الولايات المتحدة نفسها"، وفيما اجمعت التقارير على وقوف الإستخبارات البريطانيّة وراء مسرحيّة "مذبحة" بوتشا-في استنساخ لمسرحيّات الكيماوي السوريّة التي اعدّتها منظمة "الخوذ البيضاء" التابعة للإستخبارات عينها، سيّما بعدما فضح المحلّل العسكري الأميركي ومفتّش الأسلحة السابق للأمم المتحدة في العراق سكوت ريتر خيوط مسرحيّة البلدة الأوكرانيّة، وتأكيده انّ الشرطة الأوكرانية دخلت البلدة في 1 نيسان-ابريل لتصفية المتعاونين مع الجيش الروسي والقضاء عليهم بعد خروج قواته منها... بات السؤال عن "القنبلة" الإستفزازيّة اللاحقة التي تُحضّر لها واشنطن واتباعها في اوكرانيا لتفجيرها في وجه موسكو..
ثمّة من المراقبين والخبراء العسكريين من يسأل:" لماذا فضّل بوتين اطالة الحسم العسكري في اوكرانيا؟ بدلا من استخدام كلّ اوراقه مرّة واحدة؟ الم يكن قادرا على تعبئة جيشه بملايين الجنود وسحق المدن التي " تتكدّس" فيها قوات اوكرانيّة ومعها فِرَق النازيين بالكامل"؟
يوضح الكاتب الروسي المعروف الكسندر نازاروف "إنّ بوتين إختار المحاربة بيد واحدة، بدون تدمير البنية التحتيّة الحسّاسة لأوكرانيا على الطريقة الأميركية. ويشير الى انّ الغرض من هذه التكتيكات هو تحويل اوكرانيا الى عبء على الولايات المتحدة نفسها وتجنّب تحمّل روسيا لهذا العبء، فالحرب الجارية ليست مع اوكرانيا بل مع الولايات المتحدة الأميركية،والهدف منها إلحاق اكبر ضرر بها، فهناك انتخابات في شهر نوفمبر المقبل من المحتمل جدا ان يخسرها بايدن، والديموقراطيون لن يتخلّوا عن السلطة طواعية، وسيكون الصّراع شرسا وبلا قواعد، وهذا من اهم اهداف المواجهة الكبرى في اوكرانيا.
ويسأل نازاروف " ماذا عندما تقترب اوروبا من الشتاء بمخازن غاز فارغة؟ بعد إفلاسها في مواجهة روسيا"؟
وفي حين يلمح الباحث السياسي الرّوسي سيرغي ماركوف الى احتفاظ بوتين بإحدى أهم واخطر اوراقه الى حين تحديد توقيت اشهارها في وجه واشنطن والناتو، موضحا "انه من غير المعروف ماذا ستكون الخطوات الميدانية اللاحقة للقوات الروسية فهذا من اسرار الدولة"- وفق اشارته، تبقى الأنظار مشدودة الى مآل المواجهة الروسية-الأميركية الأطلسيّة بالوكالة على ارض اوكرانيا، والتي ستُفضي الى تحوّلات جذريّة نحو نظام عالمي جديد..
وتزامنا مع تلويح البنتاغون اليوم " عزم الولايات المتحدة إمداد اوكرانيا بأسلحة "بعيدة المدى" اكثر من تلك التي ينقلها الغرب حاليا الى كييف"- في مؤشر يُنبئ بتجاوز واشنطن وحلفها لكل الخطوط الحمر في مواجهة روسيا في اوكرانيا، نقلت معلومات صحافية فرنسية عن مصدر في موقع "انتيليجانس اونلاين" الاستخباري الفرنسي، أنّ موسكو باتت قاب قوسين او ادنى من فتح معركة "هامّة" في سورية مسرحها شرق الفرات ربطا بتطوّر العمليات العسكرية في اوكرانيا نحو مستوى غير مسبوق، وسيّما بعد وقف كافة اشكال الإتصالات الأميركية مع الجانب الرّوسي في سورية..
المصدر الذي كشف عن تنسيق مستجدّ "عالي المستوى" ويتجاوز ما سبقه بين موسكو وطهران حيال مستجدّات ميدانية مرتقبة في سورية-" على الأرجح في مسرح تواجد القوات والقواعد العسكرية الأميركية، لفت الى "تحوّل استراتيجي"مرتقب في العلاقة الروسية-الإسرائيلية، متحدّثا عن "هديّة " ثمينة قد يوجهها بوتين الى الحلف الأميركي-الغربي وضمنا "اسرائيل" من البوّابة السوريّة، ردّا على "الهدايا" الأميركية وضمنا"الإسرائيلية" لروسيا في مسرح العمليّات الأوكرانيّ.
معلومات واكبتها اخرى عن مصدريَن عسكريَّين في موسكو، المحت الى "ربيع" ساخن بانتظار الحلف المعادي سيتجاوز على الأرجح الساحة السوريّة، من دون اغفال التوقّف عند ترجيح " خرق امني" غير مسبوق في تل ابيب مرّة اخرى، يكون ايضا خارج الحسابات "الإسرائيلية"!