13 نيسان 1975 - 13 نيسان 2022 نظام لا يجدد إلّا الأزمات ـ أحمد زين الدين

الثلاثاء 12 نيسان , 2022 11:54 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

47 عاماً مضت على الشرارة التي تطايرت عند الثالثة من بعد ظهر الأحد في 13 نيسان 1975 من "بوسطة" عين الرمانة، ليندلع اللهيب الواسع الذي ما نزال نعيش آثار حريقه جراء عدم تطوير النظام السياسي المولّد للأزمات والفتن على مختلف أشكالها منذ الاستقلال عام 1943، حيث إنه نحو كل خمسة عشر عاماً نكون على موعد مع أزمة أو فتنة.. بين 1943 و1958 ثمة 15 عاماً وفتنة، وبين 1960 و1975 هناك 15 عاماً، وبين 1990 و2005 هناك 15 عاماً وأزمة أو أزمات لا نعرف كيف تبدأ ولا متى تنتهي!
نظامنا السياسي كأنه "أوروبوروس"؛ ذاك الثعبان الأسطوري العملاق الذي يلتفّ حول نفسه فيبلع رأسُه ذَنَبَه، ويصير كالدائرة المغلقة، بحيث ما أن يقترب أحد منه حتى يبصق ذيله ويبتلعه، ليعود من جديد إلى شكله الدائري.
هكذا لم يستطع "أوروبوروس" أن يتحمّل فرساناً شجعاناً مرّوا بقربه وفضحوا حركته.. هو لم يستطع تحمُّل في الأربعينيات ومطلع الخمسينيات من القرن الماضي الوزير والنائب إميل جرجس لحود، ولم يتحمّل جميل جرجس لحود، الذي أكد انحيازه في وزارة العمل إلى جانب العمال والفقراء في العام 1966، ولم يستطع أن يتصور الوزير الراحل إميل بيطار، وتصدّيه لمافيات الدواء والاستشفاء، ولا الوزير هنري اده في مطلع سبعينيات القرن الماضي.
"أروربوروس" ما بعد الطائف لم يستطع تحمُّل ضمير الوطن البروفيسور سليم الحص، ولا وزراء من أمثال جورج قرم، وحسن شلق، وجورج قرداحي، خصوصاً أنه تغذى جيداً، مذهبياً وطائفية وفساداً، وصار كيفما تطلّعتَ لا تجد إلا الفساد، والنهب: من الأملاك البحرية والنهرية، إلى المشاعات وفضلات العقارات، إلى "الزبالة"، إلى تلوُّث الليطاني، إلى الخبز المسرطَن، إلى التهرُّب من الكشف عن ثروتنا الوطنية من غاز ونفط براً وبحراً، إلى نهب حقوق البلديات، من الصندوق البلدي المستقبل، وليس انتهاء بالإنترنت غير الشرعي، ومحاولات بيع الأملاك العامة من الكهرباء إلى المياه، دون أن ننسى خصخصة العاصمة وجعلها ملكية لشركة.. 
ليصل الأمر إلى سرقة الناس مباشرة، فتم سرقة أموال المودعين وجنى أعمارهم من قبل المصارف ومركزي سلامة وحماتهم ورعاتهم، وحاصروا العباد والبلاد بكل أنواع الأزمات ونهج المافيات والفساد.
"أوروبوروس" حاول أن يتجدد في 2022 في أحداث الطيونة.. تذكروا الشهيدة أم خمسة أطفال التي قضت وهي تنتظر عودة أبناءها من مدرستهم.
يُروى عن أول رئيس حكومة مرّ في تاريخ لبنان لمدة ثلاثة أيام في زمن فيصل الأول؛ عمر الداعوق، ولاحقاً صار رئيساً لبلدية بيروت، ورئيساً لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، أنه أوصى البيارتة بالاستثمار بالحجرين (أي حجر العمار وحجر الذهب).. لكن بعد الطائف ذهب حجر العمار لشركة "سوليدير"، والحجر الثمين التهمه الدَّين العام والعجز في الخزينة.. اِلتهمه "أوروبوروس" وصار أكثر من نصف البيارتة يعيشون بعيداً عن مدينتهم، والتهم "أوروبوروس" المصارف والمركزي ومافيات السياسة أموال الناس.
ماذا بعد؟
باختصار، يوافق الرئيس إميل لحود تماماً على المقولة التي أطلقها الرئيس الراحل فؤاد شهاب على السياسيين "أكلة الجبنة"، فهل سنرى ثورة قضائية على طريقة الأيادي البيضاء في إيطاليا، التي تصدى فيها قضاة للمافيات ومن وراءهم من سياسيين..؟ إنه حلم وأمل.. وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
حمى الله لبنان .
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل