أقلام الثبات
في الخامس من نيسان من كل عام يحيي شعبنا يوم الطفولة في فلسطين، والمُستهدفة في أبسط حقوقها المنتهكة من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني اعتقالاً وقتلاً وتنكيلاً وتشويهاً وتهميشاً.
في يوم الطفل، وانتصاراً لطفولتهم المُعذّبة في فلسطين المحتلة، ليس هناك من قضية تستدعي تسليط الأضواء عليها أكثر من الطفولة الفلسطينية خلف سجون ومعتقلات العدو الصهيوني، التي تعاني من السياسات التعسفية لإدارة السجون والتي تمارس أبشع صنوف وأنواع التعذيب بحقهم جسدياً ونفسياً. والمحرومة حتى من الحد الأدنى من الحقوق التي شرعتها اتفاقية حقوق الطفل في المادة 16 منه والتي تحدثت صراحة بأنه "لا يجوز أن يجري أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة، أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته". وكما نصت المادة 33 من اتفاقية حماية الطفل، على وجوب أن (تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية لوقاية الأطفال من الاستخدام غير المشروع للمواد المخدرة، والمواد المؤثرة على العقل، حسبما تحددت في المعاهدات الدولية ذات الصلة". والمادة 34 من نفس الاتفاقية التي تحدثت بوضوح أن "تتعهد الدول الأطراف بحماية الطفل من جميع أشكال الاستغلال والاعتداء الجنسي". كما أنّ المادتين 91 و92 من اتفاقية جنيف الرابعة "يجب أن تتوفر في كل معتقل عيادة مناسبة، يشرف عليها طبيب مؤهل، وأن يحصل المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبية، وكذلك تركيب أي أجهزة طبية ضرورية للمحافظة على صحتهم في حالة جيدة، وبشكل مجاني". والحقوق التي كفلتها الاتفاقيات الدولية للطفل، حقه في: -
• عدم تعرضه للاعتقال العشوائي.
• معرفة سبب ومكان اعتقاله.
• الحصول على محامي والمثول أمام قاضي.
• الحق في الاعتراض على التهمة والطعن بها.
• الحق في الاتصال بالعالم الخارجي.
• الحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامة الطفل المعتقل.
وفي استعراض للانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال وإدارة السجون بحق أطفالنا المعتقلين من خلال الشهادات المُسجّلة لأطفالنا الذين تعرضوا للاعتقال، يتبين بما يؤكد أن لا مبالغة في وصف وتوصيف لتلك السياسات ضد أطفالنا الأسرى، الذين بلغ عددهم منذ عام 1967 ما يزيد عن أكثر من خمسين ألف حالة اعتقال سجلت في صفوف الأطفال الفلسطينيين ما دون سن الـ 18 وفقًا للقوانين الدولية. لا يزال منهم 160 طفلاً يقبعون في سجون الاحتلال، من هؤلاء يوجد طفل حُكِمّ عليه بالسجن المؤبد، وثلاثة أطفال محكومون مدة 15 عاماً، وأربعة أطفال محكومون من 5-9 سنوات، وأطفال حكموا من 1-3 سنوات بتهمة الانتماء للفصائل الفلسطينية، وبقية الأطفال محكومون من 6-18 شهراً بتهمة إلقاء الحجارة. بالإضافة إلى ما ينتهجه العدو من سياسة الاعتقال الإداري بحق الأطفال أيضاً. حيث اعتقل 6 أطفال إدارياً خلال عام 2021، وما زال 4 منهم قيد الاعتقال وهم: محمد منصور، وأمل نخلة، وبراء محمد، وأحمد البايض. فقد ثبُتّ من خلال تلك الشهادات أنّ الاحتلال قد أقدم على: -
• تنفيذ الاعتقالات الليلية وإطلاق النار خلال اعتقالهم، وإبقائهم مقيدي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين قبل نقلهم إلى مراكز التّحقيق والتّوقيف.
• الضرب بأعقاب البنادق والركل بالأرجل والدوس عليهم.
• استخدامهم دروعاً بشرية خلال عمليات الاعتقال.
• ترك الأطفال الجرحى من دون معالجة لمدة طويلة. وتعمد الإهمال الطبي كحال الطفل سليم جوابرة الذي تعرّض للضّرب على موضع عمليته ونزع الّلاصق الطّبي عنها.
• هجوم الكلاب البوليسية عليهم.
• إجبارهم على الإدلاء باعترافات، والتوقيع على إفادات مكتوبة باللغة العبرية تحت الضغط.
• تربيط الأطفال المصابين بأسرة المستشفيات.
• التعذيب خلال التحقيق، وممارسة الضغط النفسي، وهذا ما تعرض له الطفل أحمد المناصرة الذي يُعاني من اضطرابات نفسية خطيرة.
• عزلهم في زنازين انفرادية ومنع زيارة ذويهم لهم.
• فرض الغرامات الباهظة على عائلات الأطفال.
• فرض الحبس المنزلي والإبعاد.
• منعهم من التعليم وإدخال الملابس والكتب الثقافية
• التعمد إلى وضعهم في سجون تضم سجناء جنائيين صهاينة.
• التحرش الجنسي وحرمانهم من النوم والطعام.
الكيان الصهيوني الوحيد في هذا العالم الذي يُحاكم أطفالاً في محاكم عسكرية، بالاعتماد على العديد من القوانين والأوامر العسكرية لتشريع الاعتقالات بما فيهم الأطفال. وذلك بتطبيق قانون الطوارئ 1948 مستنداً على قانون الطوارئ الذي فرضه "الانتداب" البريطاني على فلسطين في العام 1945. والأوامر العسكرية والتي حملت الأرقام 1500 و101 و132، وجميعها تتقاطع عند اعتقال أي فلسطيني بغض النظر عن التهمة الموجهة إليه أو عمره حتى لو كان صغيراً. فالاحتلال لا يعتبر الأطفال الفلسطينيين الذين تجاوزوا سن الـ 16 أطفالاً.
إنّ ما تنتهجه سلطات الاحتلال الصهيوني من سياسات تستهدف تهميش وتشويه الطفولة الفلسطينية في حاضرها ومستقبلها، يتطلب من الهيئات والمؤسسات الحقوقية الدولية، بذل جهودها في الضغط على الكيان الصهيوني للالتزام والتقيد في تطبيق ما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل في المواد 16 و33 و34. واتفاقية جنيف الرابعة في المادتين 91 و92، بما ورد ذكرهم في سياق المقالة من نصوص صريحة وملزمة. كما تستدعي على المستوى الفلسطيني التحرك الجدي على كل الصعد والمستويات الحقوقية والقضائية والإنسانية لمواجهة تلك السياسات التعسفية والعنصرية التي يمارسها العدو الصهيوني بأجهزته الأمنية والعسكرية والقضائية بحق الطفولة الفلسطينية وعلى وجه الخصوص الطفولة المُعذّبة خلف سجون ومعتقلات الاحتلال.