أقلام الثبات
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، تزداد حملات التشويه من اطراف طالما كانت بعيدة كل البعد عن محاكاة الواقع الوطني، وطالما كانت اسيرة شعارات الانتفاخ غير الواقعي، إن كان على مستوى قدراتها الشعبية، او على مستوى الشعار الهادف الى جذب الغرائزيين نحوها، إلا ان اكثر ما يلفت هو الحملة المتصاعدة على المقاومة وحلفائها، وكذلك على الشخصيات المستقلة عن التأثر بالمشروع التهويدي - الأميركي، مع استخدام كل ما في جعب البعض من أسلحة قذرة تمتد من الاعلام بقطاعاته المتعددة، وصولا الى الاستفزاز لجر البلد إلى أتون يمنع حصول الانتخابات كي لا يفوز حزب الله وحلفاؤه بأغلبية أوسع مما هي عليه، وهنا مربط الخيل .
لقد استشعرت الفئة التي ترعرعت على الفتن النتيجة المحتومة، وقبلت ان تكون أداة لاسرائيل في مرحلة زمنية، ويمكن ان تكون مستمرة او استؤنفت تلك المرحلة التي جلبت الاحتلال الاسرائيلي الى قلب العاصمة "، ويبدو ان المجاهرة بذلك مباشرة ينتظر الظرف السياسي الذي يسعون إليه، لذلك قال رأسها على الملآ ان "معركتنا اليوم هي معركة وجود" فإما ان نسترد ما خسرناه أو نشهد زوال لبنان، ويبدو ان المقصود بزوال لبنان تبخر أحلام اولئك، خوفا من العودة الى ما سموه "السجن الكبير"، لذلك وغيره ايضا، يتضح ان نتائج الانتخابات ستكون انعكاسا لمعركة سياسية هي الأشد منذ اتفاق الطائف، ليس لما يستخدم فيها من قاذورات شعاراتية، وتطلعات سياسية تريد تغيير موقع لبنان السياسي - الثقافي، المنتمي الى الكرامة الوطنية، ولذلك نرى تكرار معزوفة على اسطوانة مشروخة، ان لبنان عمره مئة عام ولا نريد تغيير هويته، اي ببساطة لبنان الذي لا هوية له، سوى الالتحاق بالمشروع الذي زرع الكيان الصهيوني في المنطقة، والعين لا تقاوم المخرز، وطأطأة الرأس لما تسعى اليه الولايات المتحدة رغم التجارب المريرة في مسح الهوية والثقافة الوطنية، ومنع لبنان من امتلاك وسائل القوة للدفاع عن نفسه.
وعليه يمكن الاستنتاج انه لا يوجد شئ اسـمه بعيداً عن السياسة، كل القضايا هي قضايا سياسية. وكما قيل، انه في الماضي كانت تمارس علينا سياسة التجهيل والتضليل، وهي مستمرة، والآن يسعون الى ممارسة وتبني تصديق الخداع الاعلامي، مقابل سياسة من يمتلك القوة يستخدمها بصورة أقل لأنه اصبح عظيما، والاعظم انه يكتم غيظه كي لا تقع البلاد في ابتلاء غير ضروري.
ليس مستغربا ان تتعاظم الحملات على القوى التي تريد للبنان ان تكون له مكانة في الاقليم او في العالم، ولكن من يتبنى الحق سبيلا للدفاع، لن يتأثر، وسيبقى بعد الانتخابات كما قبلها، ولا يقول مثل اولئك الانتهازيين، ان التحالف الانتخابي ينتهي بعد الانتخابات، فالمعركة السياسية تكون عادة متكاملة.
ان خمسة اسابيع تفصلنا عن الاستحقاق الوطني الذي ينبغي ان يكون محطة تحول باتجاه معالجة القضايا الوطنية الملحة، من الوضع الاقتصادي - المالي، الى ملف الفساد المتضخم، الى مشاريع البنى التحتية، وفي المقدمة الكهرباء والمحروقات . الى مواجهة الغطرسة الاسرائيلية الاميركية، في ملف الحدود البحرية، وفي هذا الاخير ينطبق القول ان الحق الذي لا يستند الى قوة تحميه، فهو باطل في شرع الساسة .