ضرب الطوائف من الداخل قد حصل، ربما لخيرِ وطن! ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 16 آذار , 2022 09:44 توقيت بيروت أقلام الثبات ,الإنتخابات اللبنانية

أقلام الثبات

حرفياً قالها لي نهار الإنتخابات النيابية عام 2018، نائبٌ بارز، وسياسيٌّ من الطراز الأول، أن هذه الطبقة السياسية الراقدة على صدور اللبنانيين، يلزمها ضرب طوائفها من الداخل، عبر قيام نُخب من هذه الطوائف بإنتفاضات ذاتية لإستيلاد طبقة سياسية جديدة بوسائل غير عُنفية.

هذا الكلام حصل قبل عامٍ ونصف من قيام ما عُرِفت بثورة 17 تشرين، بما يعني، أن "الثورة" ليست هي التي أحدثت التمرُّد على ملوك الطوائف، بقدر ما أن الملفات السياسية ذات االصبغة الطائفية، أنتجت مخالفات دستورية وطعنات متمادية بالأمور الميثاقية، إضافة الى معاصي الفساد الوقِح، ما أوصل الأمور الى مرحلة الإنفجار الكبير، سيما وأن رُعاة الطائف والدوحة، كانوا وما زالوا مُنشغلين بثورات ربيع العرب والصراعات العربية البينية، وتركوا الطبقة السياسية اللبنانية تبحث لنفسها عبثاً عن عتبة سنّ الرشد.

ولا أهمية في الواقع السياسي اللبناني لدور الرؤساء الروحيين للطوائف، نتيجة عجزهم جميعاً عن لَعِب دورٍ وطنيٍّ جامع، فلا البطريرك الماروني قادرٌ على جمع زعماء طائفته على الأقل، ولا مشيخة عقل الدروز لها سلطة التدخُّل في السياسة باستثناء إحترامها المعنوي، والأمر كذلك في واقع السلطات الدينية الشيعية، ودار الفتوى تحاول قدر الإمكان جمع شمل الزعماء السُنَّة تحت سقف الحفاظ على الحقوق، ولذلك، بات ضرب الرؤوس السياسية للطوائف من الداخل حاجة وجودية للبنانيين بهدف التغيير الحقيقي، وما عجِز الشارع عن تحقيقه بقصقصة أجنحة الأقطاب، تكفَّلت به الترشيحات الإنتخابية مع زحمة بعدد اللوائح لإستهداف الرؤوس.

وبمعنى آخر، وبصرف النظر عن حصول الإنتخابات النيابية في أيار 2022 من عدمه، فإن اهتزاز عروش ملوك الطوائف في لبنان قد حصل، ووفرة الترشيحات للإنتخابات النيابية على تنوِّعها الطبقي ومن كل الطوائف، أثبتت انفلات زمام المحادل الإنتخابية في لبنان من أيدي مُحتكِري القواعد الإنتخابية، وعددهم منذ ثلاثين عاماً لا يتعدى أصابع اليد الواحدة.

وإذا كان الرئيس سعد الحريري هو أول الأقطاب الراحلين عن الحياة السياسية، لأسباب محض شخصية، ومحض مالية، ومحض "شَرطِيَّة إماراتية" بإيعاز سعودي، ليضمن لنفسه مستقبلاً مادياً بديلاً عن "المستقبل" السياسي الذي كلَّفه ما بقي من ثروته، فإن حليفه وليد جنبلاط هو الأكثر تحسساً لرأسه عشية الإنتخابات، لأن كل القوى  المُتحالفة ضدَّه هي "نكزات خفيفة" أمام خرق مملكته النيابية بشخصٍ مثل وئام وهاب.

ويبقى الحريري الغائب الحاضر في الإنتخابات المقبلة، وغيابه هو في جماهيره التائهة الباحثة عبثاً عن ملائكته، وحضوره في مَن جنَّدوا أنفسهم للنيابة تمرداً على قراراته، بصرف النظر عن أحجامهم الشعبية من عكار مروراً في طرابلس وبيروت ووصولاً الى صيدا، شهدنا ترشيحات وسوف نشهد تحالفات، جميعها تنعى نهاية قطب سياسي كبير لا بل إقفال بيت حَكَم لبنان لثلاثة عقود، ولن يُفتح مجدداً سوى بالطريقة التي اعتمدها الحريري الأب، نثر الأموال وإقامة مشاريع مناطقية.

عكار سوف تتمثَّل بـ "حريريين سابقين" من الدرجة الثانية، بذريعة تمثيل مناطقي، وطرابلس ستكون ممثلة بأقران مصطفى علوش خاصة بعد عزوف الميقاتي، وكسروان بالكاد إبن عائلة سياسية يحلم بحاصل، والمتن يحتار إبن الجميل مع مَن يتحالف، وإبن المر مع كل هيبة "الإنتربول" يحاول الحصول على حاصله الشخصي، وبيروت الثانية لن تبكي تعفُّف السنيورة عن الترشُّح – على طريقة مَن قال عن العنقود العالي حصرماً – بعد أن تسبَّب بإشكال لدار الفتوى مع الحريري، ودفع الدار للتصريح عن النأي بالنفس في مسألة دعم أية لائحة.

في الجنوب يُلفتنا ترشُّح المحامية بشرى الخليل في دائرة الرئيس بري، لكن الصورة الأبلغ لمرحلة ما بعد الأقطاب هي في صيدا، مسقط رأس آل الحريري ومربط خيلهم الأصلي، بعد خيبة السيدة بهية بالحفاظ على الحد الأدنى من الحضور نتيجة الترشيح الممنوع، ليُفاجئها مسؤول الماكينة الإنتخابية الحريرية يوسف النقيب بإعلان ترشيحه مع حليفه حسن شمس الدين، في تمرُّدٍ هو الأجرأ على أحد أبرز أقطاب السياسة في عقر داره، بعد أن حمل النقيب السيف الإنتخابي للعائلة، و"استحلى" السيف لنفسه...
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل