أقلام الثبات
يُدرك القادة في حكومة كيان نظام الأبارثايد الصهيوني العنصري أنّ العالم يسير نحو التغيير في بنية وتركيبة النظام العالمي، لصالح عالم متعدد الأقطاب، لا يبقي للولايات المتحدة الأميركية التحكم وحيدة فيه. وما قاله وزير خارجية العدو يائير لابيد، إنّ الحرب في أوكرانيا والمحادثات النووية الجارية مع إيران في فيينا حدثان سيغيران العالم، هو عين الصواب تماماً. كلام لابيد جاء عقب اللقاء الذي إلى جمعه نظيره الأميركي "أنتوني بلينكن" في لاتفيا، لبحث الوساطة التي يعتزم الكيان القيام بها بين روسيا وأوكرانيا، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية. ولهذه الغاية سافر رئيس وزراء حكومة الأبارثايد "نفتالي بينيت" سراً إلى موسكو، حيث التقى الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في الكرملين لمدة 3 ساعات، بحسب ما أفادت به قناة "كان" العبرية.
كلام "لابيد" أمام نظيره الأميركي يحمل على الكثير من التشاؤم الذي يقود إلى التيقن إنّ الأحداث التي يشهدها العالم في ضوء الصراع الروسي من جانب، والأميركي _الأوربي من جانب أخر، بأدوات ودماء الأوكرانيين وعلى الأرض الأوكرانية. وبالتالي النهاية السعيدة لمفاوضات الملف النووي الإيراني في فيينا، لصالح إيران التي قرأت منذ سنوات أنّ العالم يتغير في غير صالح أميركا، لذلك هي بنت رؤيتها على قرارها السيادي المستقل، والمستند لإرادة سياسية لا تعرف المهدانة أو المساومة على حقوقها بما فيه حقها النووي للأغراض السلمية، أوالتساهل بما يتعلق بأمنها القومي.
تلك الأحداث الملتهبة بالضرورة ستنتج عنها تطورات ومتغيرات مؤداها إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية واقتصادية وعسكرية للعالم، من دون أن نسجل على أنفسنا أنّ ذلك سيتحقق في اليوم التالي لإنتهاء العمليات العسكرية على الأرض الأوكرانية، مع إدراكنا وإدراك الجميع أنّ الإرهاصات لهذا التغيير قد بدأ منذ زمنٍ ليس ببعيد. وما النكسات المتتالية التي منيت بها الولايات المتحدة الأميركية، وليس أخرها في أفغانستان إلاّ واحدة في سلّم تلك الإرهاصات.
كلام "يائير لابيد" هي الرسالة الأبلغ التي أراد مرغماً أو ترجمةً لما سمعه من نظيره الأميركي "أنتوني بلينكن"، إبلاغها لحكومة الكيان وهو الوزير فيها لأهم وزارة هي الخارجية، بأنّ علينا أن نعد أنفسنا ومجتمع المستوطنين لذاك التغيير القادم لا محالة، وهذا ما يفسر الإرباك الكبير الذي يعاني منه الكيان، الأول في عدم قدرته على التعامل مع إيران وملفها النووي. والثاني، الموقف المتخبط إزاء روسيا وعمليتها العسكرية في أوكرانيا.
وبالتالي الرسالة الثانية غير المتعمّدة لأنظمة التطبيع العربي، بأنّ الكيان غيير القادر والمُرتبك والمُتخبط، ليس في مقدوره فعل شيء لكم، خصوصاً أنّ الإدارة الأميركية تفقد يومياً من رصيدها وبريقها ودور القائد للعالم، وهذا ما يُفسر تردد الخليجيين في سد فراغ الطاقة الروسي غازاً وبترولاً.