لبنان.. الموقف "الأوكراني"، خطأ وزارة أم أوامر سفارة؟ ـ أمين أبوراشد

الثلاثاء 01 آذار , 2022 10:43 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

سواء كان مَن تلقى اتصال السفيرة الأميركية دوروثي شيا، هو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أو وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، بشأن استنكار الغزو الروسي لأوكرانيا، فإننا كنا نفترض أننا في لبنان قد بلغنا سنّ الرشد، ونأينا بأنفسنا عن سقطات المراهقة السياسية، سيما وأن الرئيس ميقاتي هو أكثر المُنادين بالنأي بالنفس، لا بل باتت معزوفة يكاد يتفرَّد بها، خصوصاً أنه غير مخوَّل، لا هو ولا بو حبيب، بإعلان موقفٍ هو من صلاحيات رئيس الجمهورية حصراً.

وإذا كان البعض في لبنان تروق له السياسة الخارجية الأميركية، يعتمدها ويرتمي تحتها، ويقبل على نفسه وعلى لبنان الإملاءات الصادرة عن سفيرة، فقد جاء كلام السفير الروسي في الأمم المتحدة لنظيره الأميركي خنجراً في عين الحقيقة حين قال له: أنتم آخر من يعطينا دروساً في الأخلاق، على أمل أن ننهل نحن في لبنان الدروس اللازمة في السياسة، وننأى بأنفسنا عن حشر أنفسنا في ما لا ناقة لنا فيه ولا جمل.

مشكلة "فريق السفارة" في لبنان، سواء حجّ الى عوكر، أو رَقَد في خيمة سفير خليجي، أنه يمتلك قُدرة تلقِّي التعليمات، لكنه أعجز من أن يجِد أرضية لتطبيقها على الأرض اللبنانية، والرهان على القوى الخارجية، سواء كانت دولية أو إقليمية يودي به الى الهلاك السياسي، وقد تكون تجربة الرئيس سعد الحريري في الرهان على الخارج، الدرس الذي قد يُعيد البعض الى صوابهم جزئياً على الأقل، وخصوصاً أننا على أبواب انتخابات نيابية، ولا أمل لهذا الفريق أن يكون لديه "لوبي" في الساحة السياسية نتيجة الشرذمة التي حصلت برحيل الحريري.

ووسط الإنقسام المُعتاد في لبنان حول كل شأن سياسي، ضجَّت وسائل الإعلام ومواقع  التواصل الإجتماعي بإنجاز التضامن مع أوكرانيا وإدانة روسيا، وقد لا يكون هناك بلد في العالم أكثر حساسية من لبنان في هذه الأمور، وتحديداً عشية الإنتخابات، حيث الإستعدادات للتخوين في أوجّ حماوتها، خصوصاً لدى "جماعة السفارة" الذين يشهدون على مسلسل نهاية حقبتهم الذهبية التي ينعيها وليد جنبلاط كل يوم.

ومع ثبات القوة الشعبية والإنتخابية في دوائر الثنائي الشيعي، بدأ مسلسل الإرباكات والهزائم المُسبقة للخصوم السياسيين وغالبيتهم من "جماعة السفارة"، لعدم الوضوح في الخارطة الإنتخابية من عكار وطرابلس الى البترون وجبيل، وتضعضع التحالفات مع  وفرة اللوائح في كسروان والمتن، وصولاً الى دوائر بيروت والجبل، وانتفاضة العائلات العريقة فيها الى جانب جماعات الحراك، مع تسجيل خيبة الرئيس فؤاد السنيورة باستحواذ ثقة جزئية في تمثيل بعض من الشارع السني، خصوصاً عندما جاهر بالتحالف مع سمير جعجع، وهذه الخيبة تنسحب على صيدا بأفول مُرشَّح من آل الحريري، لتنتهي الأمور في البقاع وأم المعارك في زحلة، وسط هذه الفسيفساء العجيبة في تداخل الحزبي بالمستقلّ والعائلي بالإقطاعي القديم، في ما يبدو أن التعقيدات لن تؤمن زمرة أزلام موثوقين لعوكر أو للمندوب السامي الخليجي، في أقسى إستحقاق إنتخابي يعرفه لبنان المُعاصر، لأن ما تجمعه طاولة السفيرة وخيمة السفير، سوف تُفرِّقه بكل بساطة صناديق الإقتراع..
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل