أقلام الثبات
أسئلة لابد من الإجابة عليها بعد أن أسدل الستار على أعمال المجلس المركزي الفلسطيني في دورته الحادية والثلاثين، وما صاحبها من فوضى سياسية عارمة إذا جاز التعبير ، لم تنته تداعياتها بعد ، بين من يراها ونحن منهم ، أنها تكرار لما سبقها من قرارات في عامي 2015 و 2018، من دون التقدم ولو خطوة واحدة نحو تنفيذ أو تطبيق لتلك القرارات، وبين من رأى فيها أنها متقدمة على ما سبقها من قرارات مشابهة، من حيث اتخاذها صفة القرار، على الرغم من أن أصحابه يشاطروننا في عدم الذهاب إلى تطبيقها، ويرون إبقاءها في إطار النضال من داخل الأطر أملاً في تطبييقها.
السؤال الأول: هل ما بعد المجلس كما قبله؟
بمعنى أن لا لقاء أو حوار إلاّ بالتراجع عن مخرجات المجلس، والمخرجات هنا قسمان: تنظيمية وسياسية، فهل المقصود من التراجع التنظيمية أم السياسية؟. إذا كانت تنظيمية ، فحركة فتح منذ عقود طويلة تهيمن وتستفرد وتتفرد بمنظمة التحرير ومؤسساتها وقراراتها، وعلى الرغم من كونه سلوك مرفوض، إلاّ أنه أصبح مألوفاً لدى جميع القوى التي أدمنت عليه ، وهي تتعايش معه منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي، ولا زال متواصلاً حتى الدورة الأخيرة للمجلس المركزي، ولن يتوقف أقله في المدى المنظور إذا تفاءلنا وأفرطنا به. وإذا كانت سياسية، فهي بما جاءت به من قرارات تنسجم مع مواقف الكثير من الفصائل، ولطالما كانت تطالب بتنفيذه على الدوام، وتحث قيادة السلطة والمنظمة منذ العام 2015 على ضرورة الالتزام بتطبيقها، لكن كمن ينفخ في قربة مثقوبة.
أما السؤال الثاني: لقد عودتنا الساحة الفلسطينية في اتقان فصائلها فن سياسة تدوير الزوايا، تحت مسوغات المصلحة الوطنية العليا، وضرورة مواجهة التحديات التي تواجهها قضيتنا وعناوينها الوطنية.
فهل شرط التراجع يستلزم عدم العودة إلى طاولة الحوارات مهما كانت الظروف التي تستدعيها الضرورة لتلك الحوارات؟.
التجارب تعاكس ما نفترضه أنه لا حوار مع من يضرب بعرض الحائط قرارات الإجماع الوطني الذي أنتجته كل الحوارات السابقة. ومع من لا يؤمن بالشراكة الوطنية المحكومة بتكريس وترسيخ تقاليد ديمقراطية وتنظيمية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية بسقف سياسي من خارج سقوف اتفاقات "أوسلو" السياسية ومندرجاتها الاقتصادية والأمنية، وبالتالي ما هي الضمانات حتى لا تعيد حماس وفتح انتاج اتفاقات ثنائية، تجد الفصائل نفسها مجدداً على طاولة حوارات جديدة، من دون الوقوف أمام الأسباب التي استدعت عقد المجلس المركزي، ومن قبلها تعطيل الانتخابات، ومن قبلها وقبلها خروج وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ أواخر تشرين 2020، معلناً إعادة مسار العلاقة مع الكيان كما كانت سابقاً، ويومها ورغم أنّ ذلك ضرب بعرض الحائط مخرجات اجتماع الأمناء العامين في أيلول 2020، عادت الفصائل للحوار في شباط وأذار 2021، نتيجة لتوافقات حمساوية فتحاوية.
هذه الأسئلة على مشروعيتها لا يعني أنّ الفصائل التي اتخذت موقف المعارض للمشاركة في المجلس المركزي، كانت مواقفها خاطئة، بل هي عين الصواب. وعين الصواب هنا ليس كافياً بل بحاجة إلى تطوير، من دون أن تسعى وعلى وجه التحديد حركة حماس إلى الالتزام.
أولاً، بعدم الذهاب نحو لقاءات أو اتفاقات ثنائية مع فتح من خلف الفصائل الأخرى.
وثانياً، عدم محاولة ممارسة سياسة استخدام الأخرين في مواجهة السلطة أو حركة فتح، بمعنى عندما تتفق حماس مع فتح، المطلوب من الأخرين تأييد ما يتم الاتفاق عليه. وعندما تختلف حماس مع فتح، المطلوب من الأخرين مخاصمة الأخيرة.
وثالثاً، عدم التفكير ولمجرد التفكير في خلق البدائل، حتى ولو تحت مسميات يشتم منها رائحة خلق البدائل . وهنا ما يصح على حماس يصح على فتح، التي لجأت وفي خطوة استبعاد حركتي حماس والجهاد قبيل عقد المجلس المركزي إلى استرضاء الفصائل تحت عنوان فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.