أقلام الثبات
"إن الوثوق بالسلطات الأميركية تراجع وبات أقل، بسبب الأكاذيب التي تم الكشف عنها في تصريحاتها" ,هذا التصريح عالي الوضوح, ليس لحزب الله , او لسورية, او ايران, او روسيا, او الصين , ولا حتى للاوروبيين جميعا , انه خلاصة استناج لوكالة "أسوشيتد برس" الاميركية التي طالما كانت راس حربة في ترويج السياسات الاميركية على مدار 176 عاما , اي منذ تأسيس تلك الوكالة, اما السبب الذي ادى الى تلك الخلاصة, فهو حسب الوكالة "الافتقار إلى الشفافية الذي أدى إلى توتر احتياطيات الثقة المستنفدة بالفعل في واشنطن ،لذا لقد تراجعت الثقة على مدى العقود الماضية بسبب حالات الكذب والخداع والأخطاء في كل شيء، من الشؤون خارج نطاق الزواج، إلى غياب أسلحة الدمار الشامل في العراق".
وللاستدلال على الاكاذيب الاميركية اضاءت الوكالة على موقف الرئيس جو بايدن شخصيا، الذي حاول تغطية الاكاذيب,بان اجاب على سؤال حول مصداقية الدعاية التي تروجها إدارته بان "الغزو الروسي" لاوكرانيا, حاصل ,"عليك ان تصدقنا"ما اثار الوكالة التي اسفت قائلة : "لا، لن يكشفوا ما الذي جعلهم يقولون إنهم يعرفون أن روسيا تخطط لعملية .. كذريعة لغزو أوكرانيا".وعندما طُلب من ادارة بايدن تقديم أدلة لدعم تصريحات تتعلق بالأمن القومي، ردت ببساطة: "عليك أن تصدقنا".
وفي سياق منفصل، أشارت الوكالة إلى "شكوك متزايدة" تجاه الإدارة الأميركية في الأمور المتعلقة بالمخابرات والشؤون العسكرية، خصوصاً بعد أن فشلت السلطات الأميركية في توقع سرعة انتقال السلطة في أفغانستان إلى طالبان. بالإضافة إلى ذلك، تذكر الوكالة أن واشنطن خرجت في البداية بالموافقة على الضربة الصاروخية الأميركية في كابل، والتي لم تقتل إرهابيين، بل قتلت مدنيين، كما اعترف البنتاغون لاحقا.
من دون شك, ان الكذب والخداع هما آفة ,السياسة الاميركية في العالم اجمع, ولبنان ضمنا, حيث حظيت واشنطن بمجموعات ضالة تسوق,لما تردده الولايات المتحدة والكيان الصهيوني, رغم ان الولايات المتحدة لم تخف تمويلها لهذه المجموعات من اجل تشويه الحقائق , لا بل القضاء على على الحقائق كي تصنع واقعا على انه حقيقة, وهذا هو العنوان الحالي لاولئك المنبوذين حتى بين من كان يعتبرونهم حواضنهم الشعبية.لذلك هم في هذه المرحلة تفرغوا لحياكة الأساطير عبر حملات اعلامية وسياسية بان "التطبيع" مع عدو لبنان الاول , والخلاص من سلاح المقاومة سيأتيان بتحقيق الاحلام الوردية التي يحلم اللبنانيون بها من العيش الرغيد الى السيادة والاستقلال.
لا يلجأ الى هذه الهستيريا التي تملأ اثير الشاشات والاذاعات, الا الذين يفتقرون,او يفقدون ولاءهم لاوطانهم , ويلهثون خلف الاوهام الاميركية والاسرائيلية,رغم مرارة التجارب التي عاشوها انفسهم مع مشغليهم ,ويكررون التجربة , علهم يفلحون , ولن يفلحوا, سيما انهم في الغالب لا يعرفون حقيقة تكوين الشعب اللبناني الذي يريدون سوقه الى اسطبلهم, بعد تشويش العقل الجماعي ليسهل تسييره.
ان الاكاذيب لا تغير الحقائق ,وهنا يمكن الارتكاز على ما قاله رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين: "البعض يطرحون في كل يوم وكل ساعة الكثير من الأكاذيب والتهم الباطلة بوسائل الإعلام ومن خلال الحملات المضللة السياسية والإعلامية والنفسية، تخفي وراءها حقيقة واحدة يجب أن يعرفها الجميع، وهي إيقاف المقاومة تحت عنوان أن البلد بحاجة إلى إنقاذ، وهم في الحقيقة يطلبون من المقاومين والمضحين وعائلات الشهداء واللبنانيين الشرفاء، أن يلتحقوا بركب المطبعين الأذلاء في هذه المنطقة".
في الواقع , ان اللاهثين للاستتباع تحت مسمى "التطبيع" , اما لا يعرفون التاريخ , او لم يقرأوا صفحاته, او هم مجرد دمى لمشغلين يرددون معزوفات ملوثة مقابل "العليق" الموسمي , ويمثلون سيناريوهات خيالية يدبجها جماعة "لانغلي"وينقلها بن سلمان والنهياني اليهم, تماما مثل السيناريو الاميركي في اوكرانيا . وفي هذا السياق أعلن مسؤولون أميركيون أن الاستخبارات الأميركية تعتقد أن روسيا تكثف استعداداتها لغزو واسع النطاق لأوكرانيا، وأنه بات لديها بالفعل 70% من القوة اللازمة لتنفيذ عملية كهذه.ونقل،أن: "النزاع ستكون له كلفة بشرية كبيرة تتسبب في مقتل ما بين 25 - 50 ألف مدني، وما بين 5 - 25 ألف جندي أوكراني، وما بين 3 - 10 آلاف جندي روسي. كما يمكن أن يتسبب في تدفق مليون إلى 5 ملايين لاجئ، بشكل رئيسي إلى بولندا"
اليس غريبا أن يحدد الفيلم الاميركي عدد القتلى والجرحى والنازحين , ام أن ذلك هو العدد المطلوب ليكون ضحية السياسة الاميركية ,سيما ان ذلك تزامن مع حديت عن فيديو من انتاج الخيال الاميركي يحاكي "الغزو" الموهوم لاوكرانيا وهوما وصفه شارل غاف، رئيس مركز "معهد الحريات" بفرنسا , بان تصريحات السلطات الأميركية القائلة بـ"فبركة" روسيا لتسجيل فيديو حول أوكرانيا، بأنها الدعاية في أسوأ حالاتها.وقال: "تدهشني السذاجة الصبيانية للتصريحات الأميركية".و أن "هذه التصريحات التي تم الإدلاء بها من دون تقديم أدلة، بحجة "حماية مصادرهم"، تعد تذكيرا مؤلما بخطاب كولن باول في الأمم المتحدة حول أسلحة الدمار الشامل في العراق".و"ربما هذه المصادر التي أبلغت البيت الأبيض بهذا التحضير للفيديو الروسي، هي نفسها التي أبلغته أنئذٍ بأسلحة الدمار الشامل العراقية؟، هذا يبدو مجرد دعاية في أسوأ حالاتها".
بالطبع لم تمرر روسيا الفيلم الاميركي المتخيل, فأعلن دميتري بوليانسكي، النائب الأول لمندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أن تفكير الدول الغربية حول عدد الأيام التي يمكن أن تُهزم فيها كييف هو الجنون والذعر.وقال "ماذا سيحدث إذا قلنا إن الولايات المتحدة يمكن أن تهزم لندن خلال أسبوع واحد وسيؤدي ذلك إلى مقتل 300 ألف شخص؟ وذلك اعتمادا على المعلومات الاستخباراتية التي لا نكشفها؟ هل يعتبر ذلك أمرا صحيحا بالنسبة للأميركيين والبريطانيين؟ لا.. ولا يعتبر ذلك صحيحا بالنسبة للروس والأوكرانيين أيضا".
وكما في البلطيق, كذلك في المتوسط ولبنان ضمنا, ان حبل الكذب قصير , ولو كان اللبنانيون من أدوات اميركا أقل احترافا من منتجي افلام هوليود واكثر ببغائية.