أقلام الثبات
في وقتٍ عاود فيه تنظيم "داعش" الإرهابي بعض أنشطته الإجرامية في سوريه والعراق، كإستهداف مواقع وحافلات نقل جنود تابعة للجيش السوري في شرق حمص. ثم إقدام هذا التنظيم على مهاجمة معتقل "غويران" في الحسكة في شمال شرق سورية، في محاولةٍ من التنظيم المذكور، لإخراج عدد من عناصره المعتقلين لدى "قوات سورية الديمقراطية" ذات الغالبية الكردية، وإمكان تسلل هؤلاء العناصر في إتجاه العراق. عرضت بعض وسائل الإعلام المحلية وغير المحلية لعودة الأنشطة الداعشية في مدينة طرابلس في لبنان الشمالي، تحديداً لمسألة إختفاء عشرات الشباب من المدينة، وإلتحاقهم "بداعش"، بحسب بعض المعلومات الأمنية والصحافية.
ولكن ما يثير الريبة والإستغراب راهناً، أن بعض هذا الإعلام ومن يقف خلفه، لم يلق الضوء على الخطر التكفيري الحقيقي والكبير، عندما كان يتهدد الإستقرار اللبناني، في بدايات الحرب الكونية على سورية، يوم تحولت بعض المناطق اللبنانية في الشمال والبقاع الى ممرٍ ومقرٍ لإستهداف الإستقرار والوحدة الوطنية في لبنان وسورية، كإرسال الإنتحاريين والسيارات الملغومة الى مناطق: بيروت والضاحية الجنوبية والهرمل وجبل محسن في طرابلس، وتهريب المسلحين والسلاح الى الشطر الثاني من الحدود، برعاية سياسيةٍ وأمنيةٍ علنيةٍ من الفريق الذي كان يطلق على نفسه أسم "14 آذار. كذلك أشرف الجهاز الأمني لهذا الفريق في شكلٍ مباشرٍ على 21 من الإشتباكات العبثية الدامية بين أبناء منطقة باب التبانة وجبل محسن في طرابلس، ما بين أعوام 2008- 2013، كان يتخلل بعضها تهريب السلاح والذخائر الى سوريه، عبر طرابلس وعكار، براً وبحراً. وهذا الأمر أكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله آنذاك.
وخير دليل الى ذلك أيضاً، توقيف الجيش اللبناني في نيسان 2012 لباخرة "لطف الله 2" الآتية من ليبيا والمحمّلة بالسلاح، قبالة سواحل البترون ، التي كانت تنوي إفراغ حمولتها في مرفأ طرابلس ليتم نقلها براً إلى سورية، بحسب المعلومات الأمنية المتوافرة في حينه. والأنكى من ذلك، أنه عندما نبّه وزير الدفاع الوطني الأسبق الراحل فايز غصن من وجود الخطر الإرهابي- التكفيري في لبنان، إنبرى فريق "14آذار" ووسائله الإعلامية للدفاع العلني عن التكفيريين، التي فتحت منابرها لهم، كأحمد الأسير وسواه ممن يحمل "الفكر التكفيري" الذين أضحوا ضيوفاً دائمين لدى وسائل الإعلام المذكورة. إضافةً الى تنظيم أركان هذا الفريق زيارات دعمٍ لمناطق الوجود التكفيري ورعاتهم في لبنان، كالزيارة التضامنية التي قام بها وفد قواتي كبير برئاسة نواب تكتل زحلة انطوان ابو خاطر، جوزف المعلوف، شانت جنجنيان وعاصم عراجي في كانون الثاني 2012، الى منطقة عرسال. يومها قال الوفد القواتي حرفياً: " إن كلام وزير الدفاع باطل". وإستمر الوضع المذكور آنفاً على ما كان عليه، الى أنهت المقاومة بالتعاون مع الجيش العربي السوري "حلم الإمارة التكفيرية" في شمال لبنان"، بعد تطهيرهما لمناطق القصيّر وقلعة الحصن وتلكلخ في أرياف حمص المحاذية للحدود اللبنانية. بعدها حققت المقاومة بالتعاون مع الجيش اللبناني نجاح عملية "فجر الجرود"، التي أدت الى تطهير سلسلة الجبال الشرقية من الإرهاب في آب 2017، في عهد الرئيس العماد ميشال عون. وكانت المقاومة بدأت فعلياً العملية في ربيع 2015، وتعرضت لأقسى الحملات الإعلامية انئذ من وسائل الإعلام ورعاتها المذكورين آنفاً، بذريعة أنها "تعرض لبنان للخطر من خلال تصديها للتكفيريين خارج الحدود اللبنانية". كذلك بأنها أي المقاومة "تدفع الشباب اللبناني الى الموت خارج لبنان". وكأن الوسائل المذكورة ومن يقف خلفها "ضنينون" على شاب المقاومة أكثر من ذويهم .
بعد هذا العرض، إذا ما الذي يدفع راهناً الإعلام المذكور وسواه الى الإضاءة على عودة "الأنشطة التكفيرية" الى طرابلس مجدداً، خصوصاً مع إقتراب موعد إجراء الإنتخابات النيابية المرتقبة، في ضوء المعلومات التي تتحدت عن توجه غالبية القوى السنية نحو الإحجام عن المشاركة في هذه الإنتخابات؟
هنا يعتبر مرجع في فريق المقاومة أن لبنان ليس في منأىٍ عن عودة الأنشطة التكفيرية في المنطقة، ولا يستبعد أن يتم تحريك الخلايا النائمة في طرابلس والشمال، للعبث في الأمن اللبناني، بالتالي محاولة منع إجراء الإنتخابات النيابية في أيار، خصوصاً أن أدق الإحصاءات رحجت إمكان نجاح المقاومة وحلفائها في الحفاظ على غالبية المقاعد في البرلمان العتيد، ودائماً بحسب المرجع.
وفي السياق، يرى مصدر في المقاومة أن غياب الرئيس سعد الحريري وتياره عن الساحة، خصوصاً إذا قرر الإحجام عن المشاركة في الإنتخابات المقبلة، سيفسح بذلك في المجال أمام القوى السنية المتشددة في ملء هذا الفراغ الذي قد يخلفه الحريري، آملاً في أن لا يخلي الحريري وعقلاء أهل السنة، الساحة السنية للمتشددين.
وفي السياق عينه، تحذّر مصادر عليمة في الشؤون السورية، من إعادة تحريك أنشطة الخلايا التكفيرية في شمال لبنان، تحديداً في المناطف المحاذية لمنطقة عمليات القوات الروسية المنتشرة في الساحل السوري، مؤكداً أنها لم تسمح بتعريض أمن قواتها للخطر، وستعمل على درئه بالأسلوب المناسب، رافضاً الغوض في التفاصيل.