أقلام الثبات
تفاجأ الرأي العام بالتراجع المفاجىء "للثنائية الشيعية" عن مقاطعة جلسات مجلس الوزراء والعودة بعنوان المشاركة بإقرار الموازنة وخطة التعافي الاقتصادي ومن دون مقدمات او تمهيد للقرار بعد تصعيد استمر ثلاثة اشهر وسقط بسببه ومن فعالياته سبعة شهداء مظلومين(اطلق اغلب الموقوفين المتهمين وستدخل القضية نفق النسيان) وبعد النفي المتكرر عن وجود صفقة تقايض موافقة رئيس الجمهورية على توقيع الدورة الاستثنائية لمجلس النواب (لتامين الحصانة للنواب الصادرة بحقهم مذكرات التوقيف) مقابل عودة الثنائي الى مجلس الوزراء بشرط عدم المتابعة بعد إقرار الموازنة وخطة التعافي الاقتصادي والتي يمكن ان تستمر لعشر جلسات او أكثر ....
ان قراءة هادئة للقرار ومن دون انفعال او عاطفة تستوجب الإشارة .. للتأخر في المبادرة اليه مع عدم التأييد له اصلا ،لانه لا يتوازى مع القضية التي اتخذ من أجلها والتي تم دفع اثمان غالية لها دون مبرر وكان يمكن ان تعالج بطريقة اخرى أقل خسارة وضررا من النواحي السياسية والمعنوية والبشرية ويمكن الاشارة لما احدثه هذا القرار من خسائر وفق الآتي:
- تعطيل مجلس الوزراء في لحظات صعبة واستثنائية تحتاج فيها الناس لمن يشد أزرها ويؤمن لها الحماية المجتمعية والمعيشية بعد استباحة أموالها ومعيشتها وتخريب المنظومة الاجتماعية التي كانت تعيش نوعا من الاستقرار والطمأنينة.
- الضرر المعنوي الكبير والاستثنائي بعد اظهار قيادة "الثنائية" بموقف ضعيف لا يستطيع تغيير (قاض) مع كل التحشيد السياسي والميداني أو الظهور بموقف الخطأ بتقدير الموقف والقرار وإمكانية عدم القدرة على تنفيذه والتراجع عنه او المقايضة عليه.!
- ترسيخ مبدأ المقايضة والتسويات السياسية (وهذا ممكن في السياسة الداخلية) والتي يمكن أن تظهر نتائجها تباعا وبشكل بارد غير متسلسل وتبرؤ اطرافها والشركاء فيها، منها .
ان بعض النتائج الايجابية التي يجب الاشارة اليها ان الموقف او القرار السياسي اللحظوي والجزئي ليس قرار مقدسا، بل وجهة نظر يمكن نقدها او معارضتها ويالتالي عدم تكفير الناقد او المعارض واتهامه بشق الصف او العمالة او انه عدو الله سبحانه، وعدو اوليائه او أنصاره او كل الاسماء الملصقة بالذات الالهية..!
- ان القرار او الموقف السياسي قرار إداري غير شرعي يتغير وفق الظروف والوقائع والامكانيات وتشخيص المصلحة العامة من دون التجمد عنده مكابرة او خطأ او غرورا ... لكن الاهم من ذلك هو المنهج المتبع مع الجمهور المؤيد حيث يتم التعامل معه بانه جمهور امي يتلقى ولا يناقش في أموره وعليه ان ينفذ من دون ان يعترض او يستفهم او يستفسر مع ان رسول الله الاكرم(ص) كان يشاور ويناقش ويأخذ بالرأي السديد اذا استحسنه ووجد فيه مصلحة للمسلمين والرسالة ...كما حصل في قضية حفر الخندق قي معركة الاحزاب...
ان عدم احترام الجمهور الواعي والمثقف (حتى غير المتعلمين) لا يمكن القبول به والزامه بانتخاب من يمثله حتى لو كان فاسدا او قاصرا او مقصرا....
لا يمكن القبول بالاستهزاء بعقول الجمهور الطيب والصابر والمخلص وكأنه في مرحلة "الحبو والرضاعة"او السياسية واقناعه ان العودة إلى مجلس الوزراء كانت بهدف حفظ لمصالح الناس...ونسأل ..الم تكن مصالح الناس المتضررة والمهمشة والمهشمة خلال الاشهر الماضية وقد وصل الدولار الى 33 الفا..!
ان فيما جرى عبرة وموعظة للجميع للتفريق بين المقدس الإلهي والمتغيّر البشري.. بين الحكم الشرعي والقرار السياسي... وأن لا عداوات ولا صداقات دائمة في العمل السياسي بل مصالح ووجهات نظر ويجب التعامل معها انها من المتغيرات وليست من الثوابت ماعدا بعض القضايا المبدئية والشرعية كالعداء وعدم الاعتراف او التطبيع مع العدو الاسرائيلي...
والسؤال الاهم ...هل سيتم استكمال الخطأ بقرار المقاطعة بالموافقة على زيادة الرسوم والضرائب على المواطنين وفق شروط صندوق النقد الدولي ليكون الجميع شركاء بظلم الناس ورفع الضرائب دون تغيير في الرواتب والتامينات الاجتماعية....ام ستكون العودة لحماية الناس وودائعها ومؤسساتها وفي مقدمتها الجامعة اللبنانية اليتيمة ...!