أقلام الثبات
أعلنت وزارة الداخلية عن فتح باب الترشيحات للإنتخابات النيابية المُقررة في أيار 2022، وهذا تدبير إجرائي بصرف النظر عن الأجواء القاتمة التي يعيشها اللبنانيون، لكن اللافت، أن المرشحين والمُسترشحين يعيشونها وكأن الدنيا بألف خير، والإتصالات جارية لتكوين اللوائح وبالتالي نسج التحالفات، بصرف النظر عن الحجم الهزيل المُتوقَّع للناخبين المُشاركين، قياساً للكارثة المعيشية التي ستجعل من الدولار الإنتخابي المرشَّح رقم واحد في معظم الدوائر.
القوى المدفوعة للتحالف معروفة، وهي على امتداد الخارطة الإنتخابية باستثناء مناطق الثنائي الشيعي، وهي ليست تحالفات سياسية ذات برامج، لأن برنامجها الأوحد هو الهجوم على العهد وسلاح المقاومة، بل أن السلاح هو المادة الأكثر رواجاً للعلك وتبييض الطناجر مع شعبٍ يائسٍ بائس ينتظر طبخات البحص من طناجر تحالفات الدَّجل، بحيث تختلط الأمور بين من هو الزعيم العائلي، ومن هو القائد الحزبي، ومن هو "الثورجي" الذي امتطى ظهير حركة 17 تشرين في محاولةٍ منه لتنظيف سجلَّه الإقطاعي البالي، للدخول الى مجلسٍ نيابيٍّ هو نُسخة مُرقَّعة عن المجلس الحالي الذي بات بمعظم وجوهه من سوق البالة.
وليس بالضرورة في التحالفات المدفوعة لمواجهة العهد في عامه الأخير، أن يكون هناك تفاهم سياسي بين المتحالفين، ما دامت المصالح والمقامات محفوظة، وأن تكون حصة آل معوض في زغرتا بمواجهة آل فرنجية على سبيل المثال شبيهة بحصَّة طلال إرسلان في الشوف وعاليه مع آل جنبلاط، وأن تكون حصَّة "الثوار" في زغرتا مماثلة لتلك التي قد ينالها وئام وهاب في الشوف لو قرر الترشُّح.
وإذا كان "الثوار" يحسبون أنفسهم على ما تُسمَّى مُعارضة للعهد، فإن العقدة الأولى هي في نسج تحالفاتهم المُلزمة مع الإقطاع، سواء مع العائلات عبر فريد هيكل الخازن ونعمت افرام في كسروان وآل المر في المتن، أو مع العائلات ذات القناع الحزبي مثل آل الجميل، أما العقدة الثانية فهي الإنتماء العائلي أو الشبه حزبي للشخصية الثورية، وهنا تدور رُحى السجالات بين "الثوار"، وينتهي الأمر بهم الى التنافس ضمن اللوائح المُتعارضة لما تُسمَّى معارضة، وهم في كل الأحوال رهائن القوة التجييرية للإقطاع.
أما عن التحالفات المُسبقة الدفع، فالمرشَّحون ينتظرونها أكثر من الناخبين، لأنها ترتبط بقرار "الحريري أخوان" سعد وبهاء النزول الى ساحات المعركة، ونزول أيّ منهما يرفِد السوق بالدولارات، ونزول كليهما سيكون أشبه "بمواجهة ديوك" وهو يُربِك كل الساحات الإنتخابية وليس فقط الشارع السُنِّي، لكن اللافت أن السعودية التي تبحث عن رجُل قيادي محسوب عليها، خيارها هو سمير جعجع بصفته الخنجر المسنون المسموم بوجه العهد والمقاومة، ولديه قدرة جعجعة سياسية وإعلامية أكثر بكثير من قدرات بيت الحريري المُنقسمين على أنفسهم وعلى ناخبيهم، ولا عودة الى عزّ ما تُسمَّى الحريرية السياسية الى الساحة الوطنية حالياً، لأنها باتت مزدوجة الولاء الإقليمي السعودي / التركي ولا مجال للبننتها حالياً والسما زرقا.
هذه جزئية من صورة التحالفات المتوقَّعة، التي ستكون المجلس القادم على صورتها ومثالها، مجلسٌ من سوق البالة على جسده رُقَعٌ بالية ستأتي بها الإنتخابات لو حصلت في أيار 2022، وكأن الهجرة الإجتماعية القسرية التي تحصل، لم تضرب فقط الأدمغة اللبنانية والنُخب الواعدة بسبب القلق المعيشي، بل ضربت المجتمع اللبناني نتيجة إقطاع أفسد طبقة سياسية عرفها تاريخ لبنان..