وثيقة التفاهم في ذمَّة مار مخايل.. كي لا تُصبِح في ذمَّة الله ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 05 كانون الثاني , 2022 09:34 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

الدعوة المفتوحة التي وجّهها حزب الله والتيار الوطني الحر منذ إثني عشر عاماً الى الفرقاء اللبنانيين، للإنضمام الى وثيقة تفاهم مار مخايل، لم تلقَ أي صدى، لا بل ارتفعت المتاريس بوجه هذا التفاهم، إما بالمعارضة المُعلنة أم من خلال التقنيص السياسي والإعلامي، واستعانة البعض بأطراف إقليمية لتقويض هذا التقارب، خصوصاً في ظل الأحقاد المذهبية التي نشأت مع "الربيع العربي". وكان لوصول الرئيس ميشال عون الى سُدَّة الرئاسة عام 2016، أن بات الكرسي الأول في لبنان هو المُستهدف، واحتسبه الآخرون من خصوم المقاومة وكأنه أحد حصونها، وحللوا لأنفسهم شنّ الحرب على العهد حتى ولو كان الثمن  تدمير البلد، وهذا ما يحصل بالفعل حالياً.

وبصرف النظر عن البنود السياسية المكتوبة في هذه الوثيقة، أثبتت التجارب الميدانية الدموية على أرصفة ربيع العرب، أن الأقليات دفعت أثمانها في العراق وسوريا بشكلٍ خاص، وكادت تدفع في لبنان على أيدي جماعات  التكفير، وإذا كان البعض ينسى نعمة التحرير عام 2000، وفرحة النصر عام 2006، فهو لا يجب أن ينسى دحر الإرهابيين عن لبنان عام 2017، لبنان الذي كان "مشروع ربيعٍ دموي" عام 2007 في نهر البارد، أي قبل أربع سنوات من "الربيع العربي" وتمّ إحباطه بوعي فريق من اللبنانيين.

ويكاد الرقم أربعة أن يكون نذير شؤم، لأن البند الرابع من وثيقة تفاهم مار مخايل المرتبط ببناء الدولة قد طُرِح منذ أربع سنوات، أي بعد سنة من بداية العهد، ومُعارضوه البارزون هم من الحلف الرباعي الذي يضمّ منظومة الحُكم، وحصر العرقلة في تطبيقه الآن بطرفٍ دون سواه، فيه الكثير من الإختباء خلف الإصبع، والعونيون كقاعدة مسيحية للرئيس ميشال عون لا يجب أن تأخذهم الإنفعالات نحو فريق دون سواه، أو الكُفر "بمار مخايل" دون سواه، فيما شياطين تفاصيل العرقلة هي عند أطراف مسيحية قبل أن تكون لدى فريق حركة أمل والثنائي الشيعي.

وقبل تعيير الشيعة بثنائية ثابتة في بلد طائفي، على المسيحيين تحكيم العقل والضمير في مسألتين مصيريتين قبل فوات الأوان:

أولاً: كل المعارضة الشرٍسة التي يواجهها المسيحي القوي ميشال عون هي من المسيحيين أنفسهم، سواء كانوا حزبيين تحت مظلَّة عائلية مثل الكتائب أو المردة، أو كانوا حزبيين تحت لواء إقطاعي ميليشيوي مثل القوات اللبنانية، وما من اقتراح أو مشروع قانون أو ملف إصلاحي نيابي أو حكومي تقدَّم به التيار الوطني الحر، إلا وكانت طلائع المعارضين له من فريق مسيحي أو أكثر، لأنه ممنوعٌ على العونيين تحقيق إنجاز لأسباب ترتبط بحسابات خصومهم المسيحيين في الزواريب الضيقة.

ثانياً: كائناً ما كانت تفاصيل وثيقة مار مخايل والعرقلة التي تواجهها، فهي بالنسبة للمسيحيين خيار استراتيجي وجودي على مستوى الشرق، ويجب التمسك بها وتطويرها كما قال النائب جبران باسيل ووافقه الرأي سماحة السيد حسن نصرالله، لأن زمن الخيارات القومية التي طرحها أمثال المُفكر أنطون سعادة قد انتهت في شرق الصراعات مع الشياطين، وزمن الإنعزال المسيحي على طريقة الجبهة اللبنانية في منتصف السبعينات يضع المسيحيين على مقصلة الإستهداف، والوجود المسيحي كشريك كريم مع الآخر في لبنان هو آخر الآمال، بصرف النظر عن الإنهيار الحاصل على المستوى السياسي، والشريك الشيعي متمسِّك بوثيقة مار مخايل كما المسيحي، شرط العودة اليها لتطويرها وتحديثها، وبقاء هذه الوثيقة في ذمَّة مار مخايل فرصة تاريخية كي لا تغدو كسائر الإتفاقيات الظرفية في ذمَّة الله...!
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل