أقلام الثبات
توّجت "اسرائيل" نهاية العام برفع وتيرة تهديداتها ضدّ ايران الى حدّ غير مسبوق، من حصرها باستهداف منشآتها النوويّة، الى عزم تدمير جميع هذه المنشآت مع البنية التحتيّة الإيرانيّة ايضا.. التهديد المستجدّ نقلته القناة 13 العبريّة الأربعاء عن مصادر امنيّة وصفتها ب" الرّفيعة جدا" في تل ابيب، وبيّنت انّ المقاتلات "الإسرائيليّة" تستعدّ هذه الأيّام للتحضير للضّربة وهي من ستقود هذه المهمّة.
اللافت، أن التصعيد "الإسرائيلي" بوجه ايران يتزامن في التوقيت،- والذي وصل الى حدّ الهستيريا في اطلاق التهديدات ضدّها منذ انطلاق محادثات فيينا النوويّة، مع آخر سعودي ضدّ اليمن خصوصا مع تسجيل مقاتلي حركة "انصار الله" انجازات ميدانيّة هامّة في مأرب، حيث بدت الغارات الجويّة السعودية على صنعاء في الأيام الأخيرة غير مسبوقة، والتي ردّت عليها الحركة في المقابل بشنّ هجوم واسع أطبقت من خلاله على محافظة الجوف ومنطقة اليتمة المجاورة، وسط تقارير صحافيّة غربيّة رجّحت تجهّز حركة "انصار الله" لترجمة ضربات غير مسبوقة في المرميَين السعودي -الإسرائيلي، ربطا برصد غرفة عمليّات مشتركة استحدثها الثنائي وتضمّ مستشارين عسكريّين "اسرائيليين" الى جانب نظراء اميركيين وبريطانيين وسعوديين، ومشاركة طيّارين من سلاح الجوّ "الإسرائيلي" في الغارات الجوّية على اليمن- خصوصا، آخرها التي دكّت أحياء في صنعاء ومطارها- وفق معلومات مصدر وُصف ب "الموثوق" في موقع "ارمادني ماغازين" السلوفاكي.
هي ليست المرّة الأولى التي تُتّهم فيها "اسرائيل" بالمشاركة من خلف السّتار في العدوان على اليمن.. سبق لوسائل اعلام عبريّة ان تحدّثت عن دور خبراء ومستشارين عسكريّين "اسرائيليّين" في هذا العدوان، وسبق أيضا ان اكّد خبراء عسكريّون غربيّون –بينهم الخبير الأميركي في الشؤون العسكريّة إيان غرينهالغ لمجلّة "ميترين توداي" الأميركية، "انّ اسرائيل تشارك بفاعليّة في الغارات الجويّة على اليمن، وانها اسقطت قنبلة نيوترونيّة على جبل "نقم" اليمني قرب صنعاء في ايار عام 2015 نيابة عن حليفتها السعوديّة".. حتى قادة حركة "انصار الله" يؤكدون على دور "اسرائيل" في العدوان على بلدهم، مع التذكير بتصريح وزير الدّفاع في حكومة صنعاء في 8 كانون الأول-ديسمبر عام 2019 ، حين قال "لدى قوّاتنا بنك اهداف "اسرائيلي" برّا وبحرا، ولن نتردّد في مهاجمة تلك الأهداف عندما يصدر القرار من القيادة".. والذي سبقه مباشرة توعُّد السيّد عبد الملك الحوثي ب "إنزال اقصى الضّربات ضدّ الأهداف الحسّاسة في داخل الكيان"الإسرائيلي".
ما بدا مثيرا للإنتباه والشكوك في ثنايا التصعيد السعودي على اليمن، يكمن بزجّ حزب الله وايران علانية في مجريات الحرب على لسان المتحدّث باسم التحالف السعودي تركي المالكي، وعرض الفيديو الذي اثار موجة سخرية عارمة على مواقع التواصل الإجتماعي، لناحية لكنة المُتهم بانتمائه الى حزب الله، والبعيدة كليّا عن اللهجة اللبنانية.. علامات استفهام كبيرة أُثيرت حيال توقيت هذا الإتهام الذي يتزامن مع التهديدات "الإسرائيلية" الناريّة بمهاجمة المنشآت النوويّة الإيرانيّة، واعتبره بعض المراقبين والمحلّلين السياسيّين والعسكريين، بأنه تبرير وتوطئة لدخول سعودي علني الى جانب "اسرائيل" في حرب مُزمعة ضدّ ايران.
وبالطّبع، يأتي اتّهام حزب الله لتبرير زيادة الضّغط السعودي القادم على لبنان، وليُعطي ضوءاً اخضر سعوديّا للداخل اللبناني- للجهات التي تعمل وفق الأجندة السعوديّة-الأميركية، برفع وتيرة الهجوم على الحزب..فبموازاة التّقهقر امام إنجازات مقاتلي حركة "انصار الله" في مأرب والتقدم الميداني الكبير صوب المناطق السعودية الحدودية وتحرير ما يقرب 1200 كم مربع في عمليّة فجر الصّحراء، بدا وكأنّ السعودية أرادت توجيه رسالة الى طهران مفادها" لن تكون الخسارة في حربنا على اليمن دون أثمان، وإذا كنتم لا تريدون تقديم التنازلات هناك، فسيدفع حليفكم الثّمن في بيروت".
رغم كلّ الصّخب والتهويل "الإسرائيلي" ضدّ ايران، الا انّ دبلوماسيّين غربيّين حتى بعض كبار الجنرالات "الإسرائيليين"-سابقين وحاليّين، كما وسائل اعلام ومحلّلين عسكريين في الكيان، يُقرّون بخطورة إقدام تل ابيب على مهاجمة المنشآت النووية الايرانية على"اسرائيل" نفسها، وخفّضوا من جدّية هذه التهديدات واقتصارها على التهويل الإعلامي حصرا.. وفي المقلب الآخر، لا تريد ايران هذه الحرب لأسباب كثيرة، اهمها رفع العقوبات القاسية عنها..الا اذا فُرضت عليها.. يبقى السؤال" هل تستطيع "اسرائيل" تدمير المنشآت النووية الإيرانية وضمان نجاح هجومها؟ وماذا بعد لحظة المبادرة الى تنفيذ عدوانها؟
يقول كوستانتين سيفكوف- نائب رئيس الأكاديمية الرّوسيّة لعلوم الصواريخ ردّا على سؤال اذا ما نشبت حرب بين "اسرائيل" وايران، "إنّ الاخيرة تمتلك صواريخ بمستوى عال من الدّقة، اسرائيل غير قادرة على التعامل معها، وانّ ايران اذا ما بدأت هجوما صاروخيّا، فستقصف الأنظمة والمفاعلات النووية "الإسرائيلية" وهذا الهجوم سيجعل اراضي "اسرائيل" الصغيرة غير صالحة للسّكن".. اما عن منشآت ايران النووية، فيؤكد سيفكوف "انها محصّنة للغاية، في مناطق جبليّة لا يمكن اختراقها حتى بالقنابل النووية"!
ولعلّ صحيفة "فورين بوليسي" الأميركية كانت الأوضح بتبيان نتائج وتداعيات اي مغامرة "اسرائيلية" ضدّ ايران. إذ ذكرت في تقرير لها "انّ ايّ ضربة "اسرائيليّة" ضدّ ايران، ستجعل اراضيها بالكامل، وسكّانها وبنيتها التحتيّة معرّضة لضربة انتقاميّة حتميّة من ايران، بما في ذلك ما يصل الى 150 ألف قذيفة فتّاكة في ايدي حزب الله".. هذا من دون إغفال تعليق مدير العمليّات بالقيادة الوسطى الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي على خطورة ترجمة التهديدات "الإسرائيلية" بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية وقوله "إنّ لإيران قدرة هجوميّة ودفاعيّة جوّية قويّة، وهي هدف صعب جوّا".
وعليه، يجنح كثر من كبار المحلّلين صوب تأكيد عدم قدرة "اسرائيل" في الوقت الراهن على مهاجمة ايران، ربطا بعدم جهوزية جبهتها الداخلية لتحمّل تداعيات اي حرب مُزمعة، خصوصا مع عدم حصولها على ضوء أخضر أميركي لتنفيذ تهديداتها، رغم تشكيك بعض المراقبين والمحلّلين السياسيين والعسكريين ب "اللا موافقة اميركية".. لكن.. ماذا لو غامرت "اسرائيل" بتوجيه ضربة قويّة ضدّ ايران؟
وهل سينحصر الرّد حينها من داخل الحدود الإيرانية؟ فهناك من اصحاب الرؤوس "الحامية" في تل ابيب ما يكفي لاتخاذ قرارات متهوّرة تماما كما فعل ايهود اولمرت ورئيس اركان جيشه وبعض الجنرالات الحمقى الذين قرّروا شنّ عدوان تموز على لبنان عام 2006، رغم كلّ التحذيرات حينها من مغبّة المخاطرة بإشعال مواجهة مع حزب الله، من داخل الكيان وخارجه.. بعد الرسالة الناريّة التي وجّهتها طهران الى "اسرائيل" عبر مناورات" الرسول الأعظم" التي اختتمتها يوم الجمعة الفائت، والتي تضمّنت اطلاق صواريخ باليستيّة وصواريخ كروز، وحاكت قصف مواقع "اسرائيليّة" حساسة وتحديدا منشأة ديمونا النووية.. بدا واضحا وصريحا التحذير الناري الذي وجّهه الحرس الثوري الإيراني الأربعاء "الى من يعنيهم الأمر".."المواجهة مع ايران ستكون شاملة وواسعة ومكلفة جدا".
نقلا عن رئيس المخابرات التشيكي السابق الجنرال اندور شاندور، "اذا ترجمت "اسرائيل تهديداتها بمهاجمة منشآت ايران النووية، فإنّ الرّد سيتجاوز حدودها الى الجبهات الحليفة في المنطقة. والصواريخ سوف تُوجه بأعداد هائلة الى الأهداف العسكرية والحيوية في العمق "الإسرائيلي" -التي تمّ تحديدها على قائمة جميع حلفاء ايران، من حزب الله وسورية وفصائل المقاومة الفلسطينية من دون استبعاد انخراط فصائل المقاومة في العراق.. اما المفاجأة الكبرى-وفق ترجيحه، فهو دور "الحوثيّين" الذي سيكون متقدما في هذا الرّد.
"احداث كبرى قد تطبع العام الجديد، وضمنا حرب من نوع آخر تتعلّق بالموانئ في المنطقة- ربطا بمخطط اسرائيلي-خليجي بدأ بتفجير مرفأ بيروت، ويعمل الآن على خطّة إخراج موانئ اخرى من الخدمة بينها ميناء اللاذقيّة السوري" وفق معلومات مصدر في موقع " جيوبوليتيكس آلرت"، رجّح ان يكون لبنان في المدى المنظور قِبلة الإهتمام العالمي، ولم يستبعد –استنادا الى معلومات وصفها ب " الدقيقة"، تصدُّر ميناء حيفا واجهة حدث كبير!