"تيار المستقبل".. مَن يحلّ محلَّه في حال حلِّه؟ ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 29 كانون الأول , 2021 10:03 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

من المُبكِر الحديث عن قرار حاسم من الرئيس سعد الحريري بِحلّ تيار المستقبل، سيما وأن هذا التيار يرتبط بزعامة عائلية منذ المرحوم رفيق الحريري، واختطف بعضاً من الشارع السنِّي الى حيث ما سُمِّيت الحريرية السياسية، التي جمعت كل أطياف الميليشيات اللبنانية بربطات عنق رسمية، وحصل الذي حصل، وانتقل لبنان من ديون 2 مليار دولار الى ما فوق المئة مليار حالياً، ومن دولار يساوي بضع ليرات الى حافة الثلاثين ألفاً، وضرب تسونامي الإفلاس حتى صروح المتموِّلين، لكن الأكثر تضرراً على المستوى السياسي هو سعد الحريري، كون إرث والده السياسي يعتمد حصراً على الإرث المالي، والجماهير العريضة التي اعتقد سعد الحريري أنه يمتلكها، لم تعُد تمتلك الرغبة بحضور احتفالياته التي بدأت من "مليونيات" ساحة الشهداء وانتهت بحديقة بيت الوسط، أو "تتخابط" هناك مع جماعة شقيقه بهاء قرب ضريح الوالد.

إرث رفيق الحريري حاول أشرف ريفي سابقاً الإستثمار فيه، وتبيَّن أن الأمكانيات المادية التي تشتري جماهير هي وحدها التي تُحيي بازار هذا الإرث، ثم حاول نهاد المشنوق إطلاق حركة مناوئة لحزب الله إرضاء للسعودية وبإسم رفيق الحريري، لكن هذه الحركة مع سواها من "الحركات" ماتت في مهدها، ليحاول بعدها صاحب الكاريزما غير المقبولة أحمد الحريري استنهاض إرث الحريري الأب والإبن وتيار المستقبل، في شارعٍ كَفَر بالسياسة كما كل شوارع لبنان، وجاءت ردود الفعل قاسية، وليس آخرها مشهدية عدم السماح بتعليق يافطة تحمل صورة سعد الحريري في مجدل عنجر منذ أيام "حتى ما يصير دم" على حدّ القول التهديدي لأحد أبناء البلدة.

"الحريرية السياسية" هي مال، وهي شراء ذمم وأصوات نقداً أو عبر الخدمات، وأبعد من ذلك لا شيء، كي لا ندخل دهاليز المغاور وأرقام المليارات التي ذهبت هدراً ونهباً من كل أطراف منظمومة 1990، التي تجِد نفسها الآن مُجهدة الآن لإستعادة سعد الحريري، لكن يبدو أن شقيقه بهاء هو الوحيد الأوحد القادر على استعادة الدور الشعبي السنِّي وبواسطة المال تحديداً، أو عبر الخدمات التي باشر تقديمها من خلال المراكز العشرين التي افتتحها تحت مُسمَّى "سوا للبنان"، لكن مشكلة بهاء أنه يحاول تعويض تقصير سعد في نشر "ثقافة إرث الوالد" عبر المال والمساعدات، لكنه يرى الأرض من فوق، ولم يُعايش أرض الواقع بعد، ولم يتلمَّس عُمق المعاناة المعيشية، ولم يسمع عن قُرب صرخات الجوع في "شوارع الوالد"، من عكار الى طرابلس وبيروت وصيدا والبقاعين الأوسط والغربي، صعوداً نحو عرسال.

وبصرف النظر عن "الإنقسام الإقليمي" للشوارع الحريرية، بين مَن يرفع العلم السعودي أو العلم التركي، في قلب طرابلس وطريق الجديدة، وبين مَن يُديرهم أشرف ريفي أو نبيل الحلبي، فإن الثابت أن البديل عن سعد لدى جماهير رفيق الحريري هو بهاء، ولا يُمكن لأية شخصية عائلية من أهل السُنَّة استقطاب أي شارع من آل الحريري، لأن العروبة التي كان يُفاخر بها السُنَّة في لبنان ارتبطت بالمنهج الحريري، والأزمة الخانقة التي يعيشها الناس على مستوى كل لبنان لا حَلّ لها سوى بالمال، ولن يحلّ مكان سعد الحريري وتيار المستقبل سوى بهاء الحريري، لأن الوهج المُتوارث ليس سياسياً والإرث لا هو مدرسة جمال عبد الناصر ولا أنطون سعادة، و"مَن يحّل الدِّكَّة" على الطريقة اللبنانية يحِلُّ أهلاً ويطأ سهلاً....
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل