أقلام الثبات
منذ أن اعتقلت السلطات اللبنانية في شهر تشرين الأول 2015، الأمير السعودي عبد المحسن بن وليد بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود في مطار بيروت الدولي وهو يهم بركوب طائرته الخاصة في طريقه إلى السعودية وبرفقته 4 أشخاص ومعهم 24 طردا و8 حقائب سفر كبيرة، تراوح وزن كل منها بين 40 كيلوجراماً و60 كيلوجراماً.
وأظهرت صور الطرود وعليها ملصقا تعريفيا يحمل عبارة "خاص صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمحسن بن وليد آل سعود"، وتبين أن فيها حبوب الكبتاغون، وضعت كما قالت "الوكالة الوطنية للإعلام" انئذٍ أن الحبوب المضبوطة وضعت في 40 حقيبة على متن الطائرة التي كانت ستقلع إلى المملكة العربية السعودية، واصفة هذه العملية بأنها "أكبر عملية تهريب يتم إحباطها في مطار بيروت الدولي".
منذ الكشف عن تلك العملية، صعدت السعودية حملتها على لبنان، متهمة إياه بتهريب المخدرات إلى المملكة، رعم أن للأجهزة الأمنية اللبنانية دوراً هاماً في كشف عمليات تهريب المخدرات، وخصوصاً الكابتاغون إلى السعودية، حيث أن كل شحنات «الكبتاغون» التي أعلنت السلطات السعودية ضبطها منذ بداية العام الحالي، وقالت إنها آتية من لبنان، إنما تمكّنت من اكتشافها بناءً على معلومات زوّدتها بها الأجهزة الأمنية اللبنانية، وخصوصاً فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للجمارك. حتى شحنة الكبتاغون التي أوقِفت في ماليزيا، وتلك التي ضُبِطت في نيجيريا، وكانتا متجهتين إلى أرض الجزيرة العربية، فقد جرى العثور عليهما بناءً على معلومات الأجهزة اللبنانية. السعودية التي شكرت ماليزيا ونيجيريا، تعمّدت عدم شكر لبنان. وعدا عن ذلك، فإنها قررت، قصداً، إخفاء أي دور للأجهزة اللبنانية، رغم الاتفاق بين الطرفين على وجوب إعلان التنسيق بينهما.
لم تكتفِ الرياض بذلك. فرغم أن ما قام به لبنان يدخل في إطار مساعدة السعودية على حماية أراضيها من دخول كميات هائلة من المخدرات الآتية من دولة ثالثة، قرّر آل سعود استخدام مساعدة لبنان لهم لمعاقبته، فما جرى في قضايا الكبتاغون هو الدليل الأكثر سطوعاً على أن قرار السعودية وقف استيراد البضائع الآتية من بيروت هو قرار سياسي هدفه تضييق الخناق على لبنان، إضافة إلى تفتيشها عن أي نصر مزعوم أمام تعدد مآزقها الاقتصادية، جراء حروبها في اتجاهات مختلفة، وخصوصاً في حربها على اليمن التي كلفتها حتى الآن أكثر من تريليون دولار، إضافة إلى المأزق السياسي الداخلي بسبب الصراع على السلطة داخل الأسرة الحاكمة.
وفي الواقع، فإن الأزمات المتعددة التي تواجهها السعودية، جعلتها على حد تعبير مجلة "فورين بوليسي" عاصمة المخدرات في الشرق الأوسط.
فقد نشرت المجلة قبل أسبوع تحت عنوان "السعودية" عاصمة المخدرات في منطقة الشرق الأوسط"، مشيرة إلى أن "الكبتاغون" بات من البضاعة الأكثر انتشارًا ورواجًا في السعودية في الآونة الأخيرة.
وأشارت المجلة إلى أن "عمليات ضبط "الكبتاغون" أصبحت شأنًا عاديًا داخل السعودية، إذ أصبحت سوقًا مربحًا لتجار المخدرات، وظهرت كعاصمة لاستهلاك المخدرات في المنطقة".
وذكرت أنه "وفقا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) أصبح "الكبتاغون" هو البضاعة الرائجة الجديدة في السعودية منذ عام 2015، حيث كانت أكثر من نصف كميات "الكبتاغون" التي تم ضبطها في الشرق الأوسط في السعودية".
وبحسب المجلة، "ينتمي غالبية متعاطي المخدرات السعوديين إلى الفئة العمرية من 12 إلى 22 عاما، ويستخدم 40% من مدمني المخدرات السعوديين "الكبتاغون".
ورأت المجلة أن "التغييرات الاجتماعية الأخيرة التي يقودها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تسبب صداما ثقافيا أدى إلى نتيجة غير مقصودة على شكل ارتفاع في معدل تعاطي المخدرات"، مؤكدة أنه "مع ابتعاد الشباب السعودي عن أسلوب الحياة الإسلامية والميل نحو الثقافة الغربية، فإن تعاطي المخدرات سيزداد".