أقلام الثبات
لاريب أن الإنتخابات النيابية، في حال أجريت، ستكون مفصليةً، تحديداً لجهة الحرب الدائمة على المقاومة وفريقها وحلفائها في لبنان. ولم يعد خافياً على أحد، أن ما يسمى بـ "منظمات المجتمع المدني والجمعيات التابعة لها"، جلّها تأسس في الأعوام الخمسة الفائتة، أي منذ بداية عهد الرئيس العماد ميشال عون، بحسب بيانات وزارة الداخلية، وهذا الأمر أطلع عليه شخصياً مرجع كبير من وزير الداخلية القاضي بسام مولوي. ما يؤكد بما لا يرتقي الى مستوى الشك أن رئيس الجمهورية وفريقه في عمق دائرة الإستهداف أيضاً، كونهما من أصلب حلفاء المقاومة في لبنان، بالأفعال والأداء السياسي، لا بالشعارات والكلام "الطنان الرنان". وهذا الأمر أكده الرئيس عون، حين لفت الى أن هذه المجموعات التي تتلقى الأموال من الخارج، منغمسة في السياسية، كذلك فإنها تتجاوز الأهداف التي أنشأت من أجلها. وحتى الساعة يؤكد قياديون في التيار الوطني الحر من نواب ووزراء سابقين، على التمسك بالحلف الإستراتيجي مع حزب الله، خصوصاً في الشؤون التي تتعلق بحماية لبنان وثروته ووحدته الوطنية، مع التمسك في الوقت عينه بالحق في الإختلاف والتمايز في الأداء السياسي والعمل الوزاري، وأحياناً الإختلاف في الرؤى والتطبيق معاً في كيفية بناء دولة المواطنة والمؤسسات. وهذا الأمر يتطلب معالجةً سريعةً من قيادتي "التيار" و"الحزب"، وحتماً سيتطرق النائب جبران باسيل الى هذا الشأن في كلمته المرتقبة في بداية العام المقبل.
بالعودة الى العملية الإنتخابية المرتقبة والتحالفات ونتائجها، في حال أدت الى تغيير "التركيبة" الراهنة للمجلس النيابي، ومدى تأثير ذلك في المجريات السياسية، تحديداً في شأن تجديد طرح المطالبة بنزع سلاح المقاومة في لبنان، في هذا الصدد، لا ينفي خبراء إستراتيجيون التأثير المعنوي لهذه الإنتخابات المرتقبة في الحياة السياسية اللبنانية، خصوصاً لجهة محاولة تغيير الأكثرية النيابية الراهنة، وهي أكثرية عددية لا أكثر، منقسمة في الرأي والمواقف من غالبية الأمور والقضايا المتعلقة بعمل مختلف مؤسسات الدولة، كما يحدث راهناً. أضف الى ذلك أن الواقع اللبناني أثبت أن ليس في وسع أي أغلبية أن تحكم البلد منفردةً، فلا يحكم إلا بالتوافق بين المكونات اللبنانيين، لأن الحكم اللبناني يتركز على نظام "فيدرالية طوائف"، ودائماً بحسب رأي الخبراء. وعن تجديد المطالبة بنزع سلاح المقاومة، يؤكد الخبراء أن مسألة وجود سلاح حزب الله في لبنان، مرتبط بالحل في المطقة ككل، بالتالي لن تؤدي نتائج الإنتخابات المرتقبة في حال جاءت لمصلحة الفريق المعادي للمقاومة الى نزع سلاحها، كونها تنضوي في حلفٍ قويٍ ومتقدمٍ في المنطقة، وتحظى بمشروعية شعبية كبيرة البلاد، يختم الخبراء.
وعن سير العمليات المتوقعة في المعركة الإنتخابية المحتملة، تستبعد مصادر عليمة إحتدام هذه المعركة بين الفريق الحاضن للمقاومة والمعادي لها، خصوصاً إذا قرر الرئيس سعد الحريري عدم المشاركة في الإنتخابات، عندها سيترك فراغاً كبيراً في الشارع السني على إمتداد لبنان. وتجزم المصادر أن ليس في مقدور أي مكونٍ سنيٍ ملء هذا الفراغ في الظروف الراهنة، كذلك مواجهة حزب الله وحلفائه جدياً في مختلف الدوائر الإنتخابية. فالحريري لايزال الأكثر تمثيلاً في الشارع السني. وتكشف المصادر أن "الحزب" سيذهب الى "منافسة حبية" مع رئيس تيار المستقبل، هذا في حال قرر المشاركة في الإنتخابات، لأن قيادة "الحزب" تقدر للحريري سلوكه السياسي الرافض للإنزلاق الى مواجهةٍ مباشرةٍ مع جمهور المقاومة في الشارع، ودفع نتيجة هذا الموقف أثماناً كبيرةً، والحزب لن ينكر لرئيس "المستقبل" يوماً أدأه المذكور. بل يعتبر عدد من مفكري الحزب، أن غياب الحريري عن الساحة، قد يمنح المتشددين فرصةً لإعادة تموضعهم في الشارع السني، تختم المصادر.
أما في شأن توجه رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي الإنتخابي وتحالفاته المرتقبة، فتؤكد الوقائع والأحداث، أن تحالفات جنبلاط الإنتخابية منفصلة عن مواقفه السياسية العريضة. فجنبلاط الذي كان يشكل العمود الفقري لما يسمى بفريق "14 آذار"، أنهى حياة هذا الفريق عقب إنتخابات العام 2009. ثم نفض يده من التحالف مع الحريري، بعد إستقالة حكومته دستورياً في بداية العام 2011، يوم سمى الرئيس نجيب ميقاتي ولم يسم الحريري في الإستشارات النيابية الملزمة آنذاك.
بعدها وقف الى جانب حزب الله ولم يحضر جلسات الإنتخابات الرئاسية، يوم تبنى تيار المستقبل وحلفاؤه ترشيح رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع لرئاسة الجمهورية خلفاً للرئيس ميشال سليمان، ثم التزم مع الحزب، وإنتخب الرئيس عون، بالتالي لن يتخذ أي موقفٍ عدائيٍ من سلاح المقاومة، وهذا ما أثبتته الأحداث التي تلت يوم السابع من أيار 2008.
وتعقيباً على ما ورد آنفاً، يؤكد مرجع في فريق المقاومة، أن قوة حزب الله منبثقة عن حضوره الشعبي الكبير في البلد، وإنضوائه في المحور المنتصر في المنطقة، وهو غير "لاهثٍ" للتحالف مع أي فريق في الإنتخابات النيابية المرتقبة، يختم المرجع.