أقلام الثبات
رغم مرور عقود على الحقبة الناصرية، ودخول مصر في عهود من الجمود الفكري والشلل السياسي خلال حقبة مبارك، إلا أن القوى الناعمة المصرية تفرض نفسها، ومع تغير جلد حكام دول الخليج بالأعوام الأخيرة، ووصول جيل جديد من الأمراء الشباب الى كرسي الحكم، تبدلت أحوال دول الخليج وصارت تسعى الى الإنفتاح، حتى شاهدنا إقامة عشرات الاحتفالات والمهرجانات الكبرى هناك، وإستضافة الفنانين بصفة شبه مستمرة، وفي كل ما سبق ليس بشئ غريب، الى أن تطورت الأمور بشكل مريب.
فجأة وجدنا الممثل المصري محمد رمضان المغضوب عليه من غالبية أسرة التمثيل في مصر وكذلك المشاهدين بعد سلسلة تصرفات مستفزة للدولة والشعب المصري، يحصل على الإقامة الذهبية في دبي، وبعدها بأيام قليلة يتم انتشار صورة تجمعه مع مطرب إسرائيلي في أحدى الحفلات في أحد فنادق دبي، وبالطبع تصطاد وسائل إعلام دولة الإحتلال في الماء العكر، وتروج لتلك الصورة على أنه تطبيع بين الشعب المصري وإسرائيل، ويخرج بعدها الممثل محمد رمضان ليدافع عن موقفه دون أي شعور بالمسؤولية، ويزيد الطين بلة بترحيبه بأي تعاون فني مع الجانب الإسرائيلي في ظل حالة غليان كبيرة انتابت الشعب المصري ضده، في ظل دفاع ودعم دبي غير الطبيعي لشخص محمد رمضان الذي لا يمتلك تاريخاً أو موهبة بحجم نجوم كبار بالقاهرة، الأمر الذي يجعلنا أمام مشهد ليس بالطبيعي، ويؤكد أننا أمام مشهد لا علاقة له بالفن أو الترفيه على الاطلاق، فالموضوع منذ البداية له نوايا سياسية، فاسألوا أنفسكم ما حجم وتاريخ محمد رمضان كي تغدق عليه الإمارات كل تلك الملايين والاحتفالات والتكريمات والشهادات والتأشيرات والطائرات...الخ ؟!
وما الذي قدمه المخرج محمد سامي وزوجته الفنانة مي عمرو كي يتم تبنيهم بنفس طريقة محمد رمضان عبر منحهم الاقامة الذهبية في الإمارات ...الخ، بعد أن كان مسلسل "نسل الأغراب" الذي عرض في رمضان الماضي لذلك المخرج بمنزلة القشة التي قصمت ظهر الشركة الراعية للدراما المصرية.. وكشف لنا بعدها عما كشف من فساد ومحسوبية.
ونفس الحالة تتكرر بين السعودية ومن وضعوا أنفسهم بمصر في فئة المطربين، وهم لا يمتون للطرب شكلا او موضوعا بصلة، والادهى من ذلك تلميعهم المبالغ فيه من أبرز رجل المملكة بعد ولي العهد مباشرة، ألا وهو المستشار تركي آل شيخ الذي سعى بكل جهده لشراء منظومة الكورة المصرية وتدمير قطبي الرياضة المصرية والعربية والافريقية (الأهلي والزمالك)، فنفس ما حدث مع محمد رمضان وباقي فريق التمثيل في دبي، يحدث مع نظرائه من المغنيين في الرياض! والنتيجة التي سنصل لها: هي ان الطرفين صارا على نفس نهج قطر في التعاطي مع القوة الناعمة المصرية، فعندما أرادت قطر التأثير في الرأي العام المصري منذ عشرين عاما، كان الطرق كله على الاشخاص الأكثر تأثيرا في الجمهور المصري وهم نجوم كرة القدم والدعاة، وهم الأن لا يفوتون فرصة إلا لتلميع قطر حتى لو على حساب بلدهم مصر. خلاصة القول: نحن أمام حرب من نوع جديد، وهناك نية لدى البعض في تقزيم دور مصر، وقص أذرعها الناعمة عبر تدمير منظومة الكرة المصرية، والان السعي لتشويه الفن المصري عبر تبني المغنيين العشوائيين، وتسخر الإعلام لتعليمهم في المحطات التلفزيونية، بعد أن تسبب هؤلاء المحسوبين على الفن في انحدار الذوق العام الى مبادرة ماكرون الجديدة: أهداف ثلاثية الأبعاد ـ د.ليلى نقولاقصى مستوياته.