الثبات – مقالات
حوارات مع سماحة الشيخ أحمد كفتارو
العلمانية والإسلام
نشأ مفهوم العلمانية في العالم الغربي، لأنَّ الكنيسة كانت تعرض المسيحية بشكل يتناقض مع العلم والعقل، ولأنَّها كانت تقف حائلاً دون تقدم الإنسان العلمي والحضاري، أمَّا الإسلام فقد جعل طلب العلم النافع وتعليمه فريضة، لا يصح إيمان وإسلام المسلم إلَّا به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم".
فالحقيقة أنَّ الإسلام لم يدعُ إلى تنمية العقل فقط، بل دعا إلى تنمية العقل الحكيم الذي يصيب في القول والعمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأس العقل بعد الدين التودد إلى الناس، واصطناع الخير إلى كل برٍ وفاجر".
بعد ذلك نقول: إنَّ العلمانية التي تعتمد العلم التجريبي، هي حلقة صغيرة من حلقات الإسلام، وإنَّ العلمانية التي تعني الإباحية لا محل لها في الإسلام، وإذا كانت بعض الدول الإسلامية قد اتخذت العلمانية منهجاً في سياستها فسبب ذلك الجهل بحقيقة الإسلام، وبسبب أنَّ المسلمين لا يعبرون عن الإسلام بشكل صحيح، بأقوالهم وأعمالهم ولا يجيدون التعريف به.
إنَّ التعريف بحقيقة الإسلام الحي هي مسؤولية كل مسلم، فالإسلام لم يأت بشيء يتناقض مع العقل والعلم والعدل وحقوق الإنسان، أيَّ إنسان كان، ومهما كان لونه أو قوميته أو دينه، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه مرت جنازة يهودي أمامه، فقام احتراماً لها، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله إنها جنازة يهودي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليست نفساً".
هذا هو احترام الإنسان الميت غير المسلم في الإسلام، فما بالك بالنسبة للإنسان الحي؟ وأمَّا بالنسبة للإنسان غير المسلم فالقاعدة: لهم ما لنا وعليهم ما علينا، أي: من الحقوق والواجبات، لا مشكلة للإسلام مع العلم، ولا تناقض بينهما، وإنَّ الإسلام يأمر بالتقدم العلمي والتكنولوجي والحضاري، ولا يقف حائلاً مانعاً أمام الإنسان وتطلعاته، بل أتى ليناصر العقل والعلم وحقوق الإنسان.
ومما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك: "ليس مني إلَّا عالم أو متعلم".
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: "أُغدُ عالماً أو متعلماً أو مستمعاً أو محباً ولا تكن الخامس فتهلك"
وإذا تخلى الإنسان عن هذه الصفات الأربعة فهو جاهل، والجهل يؤدي إلى الهلاك، بعد ذلك هل يمكن للعلمانية أن ترفض هذه الحقائق العلمية في الإسلام؟