"الثوار".. ماكينات إنتخابية مدفوعة الأجر ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 01 كانون الأول , 2021 09:25 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

إنتقاد الحراكات التي قامت بها "ثورة 17 تشرين" على مدى عامين، كان في جزئية هامة منه يتركَّز على خلُوِّها من المشاركة النقابية التي يُفترض أن ترفِدها بالوعي وتُصوِّب مسارها نحو أهداف مُحدَّدة، لكن جاءت انتخابات نقابة أطباء الأسنان أخيراً، لِتُثبت أن المستوى العلمي ليس كافياً لضبط سلوكية الأفراد ما دامت الثقافة المُجتمعية والوطنية مفقودة، والذين راهنوا على الشريحتين الأكاديمية والنقابية لرفع مستوى تعاطي هذه الثورة مع الأمور، جاءت مجريات الإنتخابات الطلابية لخلايا الكليات الجامعية، إضافة الى كل انتخابات نقابية، لِتعكس، حجم الهوَّة بين الدور التغييري المُعوَّل عليه من النُخَب، والأداء المُخزِي الذي يُزايد فيه بعض الأكاديميين على صبيان الشوارع.

نفهم أن بعض الجامعات لديها كوادر إدارية تابعة، من رئيس الجامعة وما دُون، وتشغل تحركاتها المطلبية "ريموت كونترول" من سفارة، ولا عتب ربما على تصرفات الطلاب قياساً لأعمارهم، لكن أن تغدو الإنتخابات النقابية ساحة ملاكمة وتطيير أسنان، فهذا ما هو مُشين ومرفوض ومدعاة للإزدراء، وتبَّاً لشهادات بعض الأطباء الذين يتحرَّك لديهم الذراع قبل أن يشتغل الدماغ.

وبصرف النظر عمَّن تسبب بفضيحة تكسير صناديق الإقتراع في انتخابات نقابة أطباء الأسنان - وأجواء انتخابات نقابة الصيادلة لم تكُن بأفضل منها- فإن توجيه التُهمة "بفركشة" العملية الإنتخابية لحزبٍ مُعيَّن ليست كافية، لأن لكل فريق أبواقه الإعلامية، وله أيضاً مرجعياته السياسية القيادية، ولا طائل من تبنِّي حزب 7 لعملية عرقلة الفرز، أو اتهامه من طرف الآخرين أنه قادر على فعل "السبعة وذمَّتها"، لو لم تكُن رغبة الأحزاب الكبرى هي السير في العرقلة، ولو عبر "الخبيط" واللَّكم وتحطيم الأحناك من الأنياب وصولاً الى أضراس العقل في معارك محنة العقل لدى النُّخَب من شبابنا.

وفي التحرُّك الشعبي الذي تلا نكسة نقابة أطباء الأسنان، فشِلت دعوات "الثوار" في الحشد يوم الإثنين، ليس فقط لأن الناس ليست لديها القدرة على صرف البنزين للمشاركة في التحركات، بل لأن الخيبات التي تُصيبهم سواء من معارك الإنتخابات الطلابية أو النقابية، لا يستطيع ثوار من رتبة "شبيحة" أن يبددوها من أذهان الرأي العام، وأن ثورة لا مرجعية لها ولا لجنة تنسيق، ولا هدف سوى التخريب بإسم سفارة من هنا وعميل إقليمي من هناك، هي فورة مرضِيَّة لا تنفع معها علاجات وتحتاج الى "القلع" كما الأسنان المُحطَّمة والأضراس التي ضرِست من حصرم العمالة بلا طائل ولا رجاء في انتظار أي تغيير وهمي على أيدي مدفوعي الأجر في ساحات الفوضى.

وما تميَّزت به تحركات الإثنين من تركيز على "نقاط التماس" مع الدولة والعهد، سواء في المناطق السُنِّية المقسومة بين "الحريري أخوان"، على ضوء ضبابية عودة سعد ونشاط بهاء في افتتاح مكاتب "سوا للبنان" من جونية الى صيدا في نفس اليوم، تتقاطع التحركات "القواتية" التي تنشط لكل فتنة غُب الطلب، أينما طُلِبت من جبيل الى جل الديب مروراً بالذوق بمُباركة من عوكر وعطر بخور البُخاري.

ثوار "غُب الطلب"، سواء كانت أسعارهم منقوشة أو كعكة عصرونية، أو كانت بالأخضر الأميركي، فقد جاءت أيام مواسمهم المُكتنزة عشية الإنتخابات النيابية، ومَن كان يُحرِّكهم على مدى السنتين الماضيتين ماضٍ في تحريكهم بوتيرة أعلى، ولعل فشلهم في التوحُّد تحت قيادة واحدة هو نجاح غير مُعلن، ليكونوا مجموعات مناطقية مُتحرِّكة لا هدف يجمعها سوى زرع الحقد الفوضوي على العهد والمقاومة، وستكون هذه المجموعات أقوى الماكينات الإنتخابية خاصة عندما ينزِل الدولار الأميركي الى أسواق فوضى المزادات، وسوف يتراوح عمر الناخب بين إبن العشر سنوات الذي تحمله البوسطة بهدف رشق الحجارة الى عمر المُتقاعدين الذين يتقاضون رواتبهم من الدولة لِرَشق الدولة...  
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل