أقلام الثبات
تبدأ المفاوضات حول الملف النووي الايراني في فيينا يوم الاثنين في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وتعيش اسرائيل نتيجة لذلك قلقاً جديًا، بسبب التباين في النظرة للتعامل مع ذلك الملف بينها وبين الولايات المتحدة الاميركية، وبسبب ما أعلنه الاسرائيليون من أن برنامج ايران النووي قد تقدم خلال هذه الفترة بحيث تحتاج ايران الى شهرين فقط لصنع قنبلة نووية.
وكالعادة، وبغض النظر حول اسم رئيس الوزراء، وشكل الحكومة، هدد الاسرائيليون أنّ "استهداف المواقع النووية الإيرانية سيكون ضرورياً في حال توقيع الاتفاق". وتأتي هذه التهديدات، بعدما أعلن مسؤولون إسرائيليون أن المحادثات التي أجراها المبعوث الأميركي لشؤون إيران، روبرت مالي في اسرائيل، كانت سيئة للغاية، وبأنها ولّدت لديهم "خيبة أمل عميقة" حيث بدا مالي وكأنه معادٍ لاسرائيل، وأن الادارة الأميركية تندفع الى "استسلام مخزٍ للعدو"، ونُقل عن المدير العام لوزارة الخارجية لاسرائيلية أن "الحديث يدور عن اتفاق سيء يوفّر شرعية لبرنامج نووي عسكري لا ينوي الإيرانيون أصلاً التراجع عنه".
وبالرغم من التهديدات الاسرائيلية حول القيام بهجوم على مواقع نووية ايرانية في حال تمّ توقيع الاتفاق، نجد استحالة في هذا الامر، وذلك للأسباب التالية:
- إن قيام اسرائيل بضربة مباشرة للأراضي الايرانية، سوف تحتّم رداً إيرانياً مقابلاً ويمكن أن تتدحرج الامور لتصل الى حرب اقليمية على جبهات عدّة، لن يكون بمقدور اسرائيل الانتصار فيها.
- إن التهديدات الاسرائيلية تبدو رسالة موجهة بالدرجة الاولى الى الحليف الاميركي، لثنيه عن تقديم – ما يعتبره الاسرائيليون- تنازلات لإيران في ملفها النووي، ومطالبة المفاوضين الاميركيين والاوروبيين بالضغط للحصول على تنازلات من ايران في ملف الصواريخ الباليستية، ونفوذها في المنطقة. علماً أن ما يطلبه الاسرائيليون والاميركيون في هذا المجال يعتبر خطاً أحمر ايرانياً، وما لم يستطع ان يحصل عليه مفاوضو الغرب من حكومة روحاني في وقت سابق لن يستطيعوا الحصول عليه من حكومة رئيسي.
وعليه، وبما أن العمل العسكري المباشر ضد المفاعلات النووية الايرانية يبدو متعذراً ومحفوفاً بالمخاطر، فإن الاسرائيلي سوف يعمل جاهداً على خطين:
- محاولة الضغط الداخلي على إدارة الرئيس جو بايدن، لمنعها من عقد اتفاق مع ايران، أو على الاقل عدم تقديم أي تنازلات للايرانيين، ما يجعلهم ملزمين بالانسحاب من المفاوضات أو الاعلان عن تعثرها وتأجيلها.
- استخدام الحرب السيبرانية للقيام بضربة مموهة (غير مؤكدة المصدر) للمفاعلات النووية الايرانية أو لضرب منشآت حيوية ايرانية أو اغتيال شخصية ايرانية أساسية في الملف النووي، وذلك بهدف خلق أزمة وتوتر بين الايرانيين والأميركيين، الأمر الذي يمكن أن يعرقل المفاوضات أو يؤجلها، ما يعطي لاسرائيل هامشاً من الوقت، علّ الامور تتغير سواء في المنطقة أو في الداخل الاميركي.
وبكل الأحوال، لا تبدو الخيارات سهلة ومتوافرة أمام الاسرائيليين، والوقت يضيق أمام الغرب والاميركيين، وكلما تأخر الوصول الى اتفاق مع ايران، كلما طوّرت ايران برنامجها النووي، بحيث ستصبح الشروط الموضوعة في الاتفاق الاساسي لعام 2015، غير ذي جدوى، وبالتالي لا فائدة من العودة إليه.