أقلام الثبات
تشن اميركا بمشاركة أدواتها وحلفائها حرباً ناعمة متوحشة وخطيرة لتهجير اللبنانيين دون استخدام القوة العسكرية أو الغزو المباشر ودون استخدام القذائف والرصاص ودون خسائر بشرية او مادية أميركية على الإطلاق، حيث تعتبر التجربة الأميركية الجديدة من أجيال الحرب الحديثة والتي تستخدم لأول مرة في المنطقة باسلوبها المتميز والإستثنائي وتعتمد على الاحتلال البطىء والهادىء وعملية التهجير الطوعية ظاهراً والتي تهدف الى عملية تهجير منظمة للبنانيين للتفتيش عن أمن اجتماعي بشكل خاص وقد خطط ان تكون مدة هذه الحرب لفترة تترواح بين خمس سنوات وعشر سنوات لتحقيق هدفين مترابطين لا يمكن تحقيق الثاني الا بتحقيق الأول وفق الآتي:
- الهدف الأول: يقضي بتهجير اللبنانيين للتفتيش عن فرص عمل لتأمين الحد الأدنى من متطلبات المعيشة والأمن الإجتماعي بعد تشديد الحصار الأميركي على لبنان بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة لأميركا، خصوصاً الدول الخليجية بالتزامن مع انهيار الدولة ومؤسساتها الخدماتية والأمنية والتربوية بشكل لم يسبق له أي مثيل حتى في الحرب الأهلية عام 1975 ولا اثناء الإجتياحات الإسرائيلية المتكررة وانعدام الأمل بالمعالجة محليا وخارجيا وايصال المواطنين الى حالة من اليأس والاستسلام للامر الواقع والعاجز في عملية تخدير وشلل لقوى المعارضة او الإعتراض على أداء السلطة الحاكمة، والأسوأ انصياع الناس لقادتها واحزابها التي كانت شريكة في الانهيار او في احسن الأحوال انها كانت عاجزة او صامتة واساء ممثلوها في السلطة حماية الأمانة التي يحملونها وانحازوا الى مصالحهم الشخصية الأنانية او الى قصورهم وتقصيرهم فكانوا شركاء عن قصد او غير قصد في الكارثة الوطنية التي يعيشها اللبنانيون والتي تسير باتجاه الهجرة الجماعية اليومية إلى الخارج من دون وعي او تدبير احتياطي تحت شعار فلنهاجر ونفتش.. فيهيمون على وجوههم في اتجاهات الأرض المتعددة،فمنهم من يصطحب عائلته الى المصير المجهول ومنهم من يتركهم بانتظار ان يرسل لهم بعض المدد المالي او يعود ليرسل لهم تاشيرات الهجرة للم الشمل والنتيجة هي أن يفرغ لبنان من مواطنيه وعقوله واصحاب الكفاءة والاختصاص وتفرغ القرى والمدن والبيوت والمصانع والمؤسسات فتصبح هذه القرى والمدن خاوية تندب أهلها المهاجرين، تكراراً للهجرة في الحربين العالمية الاولى والثانية والحرب الأهلية الداخلية.والهدف افراغ لبنان من الناس والطوائف التي تشكل عائقا امام المشروع الأميركي-الإسرائيلي المتمثل "بصفقة القرن" لتسهيل الهدف الثاني "التوطين" للفلسطينين و"دمج النازحين" السوريين.
- الهدف الثاني: يتمثل بتوطين اللاجئين وإلغاء حق العودة وفق "صفقة القرن" كخطوة أساسية لحل القضية الفلسطينية وفق المشروع الأميركي يضاف إليها عملية دمج النازحين السوريين لتغيير الوضع الديمغرافي والسكاني وتنوعه الطائفي والمذهبي حيث ستكون نتائجه هجرة ما تبقى من المسيحيين وهجرة اكثرية الشباب الشيعي بشكل خاص وإصدار قوانين وقرارات دولية تلزم لبنان باعطاء الجنسية للفلسطينيين والسوريين وصولا لانقلاب النسب السكانية لمصلحة فريق من المسلمين (غير اللبنانيين) ويصبح "سنة لبنان" اقلية مهمشة امام نسبة "السنة الفلسطينيين والسوريين" عقابا لهم بسبب امتناع الأخوة السنة في لبنان عن الدخول بالحروب المذهبية والطائفية وعدم فتح الأبواب امام الفكر المتطرف الوهابي والداعشي، مما يسهل في العقود المقبلة اشعال الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة كخيار وحيد ونموذجي للقضاء على المقاومة وفق الدراسات الأميركية والصهيونية.
يمكن ان يفكر البعض ان هذا المشروع يدخل دائرة الخيال لكن الوقائع والنتائج السريعة تعطي الحافز والأمل للاميركيين بالمتابعة وهم يقرأون عدد (المايتين وخمسين الفا) من المغتربين الذين تسجلوا للاقتراع أي ما يقارب حوالي مليون لبناني في الخارج يماثلهم عدد الذين امتنعوا ويبتسمون ويضحكون وهم يقرأون اعداد جوازات السفر التي يصدرها الأمن العام في السنتين الأخيرتين، وكذلك ارقام عمليات الطلاق في المحاكم وقلة معاملات الزواج..!
اننا ندعو لمغادرة الإنفعال والمواقف التعبوية والعاطفية واللحظوية والعمل على مقاومة حرب التهجير الأميركية بهدوء وعقلانية لتوفير مقومات الصمود لتحفظ المقاومة بحرها من التجفيف وحتى لا تصاب بالتصحر... .