ثورة 17 تشرين.. ربيع الوعد وخريف المواسم ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 24 تشرين الثاني , 2021 08:10 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 

مُغترب لبناني تناول موضوع الدائرة السادسة عشرة التي تُخوِّل المغتربين إنتخاب ستة نواب لتمثيلهم في البرلمان  اللبناني فقال:  ماذا يُفيدني نائب عن كل قارة ليمثلني، وهل أنا أحتاجه للتزفيت أمام منزلي في أميركا، أنا أريد المشاركة في الإنتخابات على مستوى 128 نائباً، لأساهم في التغيير لأني أحلم بالعودة الى وطني يوماً، ولا أرضى أن يعاملوني الآن وكأني مختلف عن أي لبناني آخر.

هذه الروحية التي يتمتع بها هذا المغترب، ليست موجودة لدى معظم المُقيمين، وتحديداً أولئك الذين انضووا تحت ما تسمى "ثورة 17 تشرين"، بصرف النظر عن نجاح هذه الثورة، أحياناً بالفوز في خليَّة طلابية أو نقابة، أو خيبتها في إيصال ممثِّل عنها، كما حصل مؤخراً في انتخابات نقابة محاميّ بيروت، وما كان يجِب على "الثوار" أن تصدمهم النتائج طالما أنهم عجزوا عن اختيار قيادة موحَّدة لهم أو حتى هيئة تنسيق، أو على الأقل لجنة تنظيمية لأنشطتهم.

ومع مرور أكثر من سنتين على الحراك الشعبي، يجِد "الثوار" أنفسهم مختلفين فيما بينهم عشية الإنتخابات النيابية، التي لو حصلت، ليست هناك أسماء ثورية بارزة للنِّزال بها في ساحات المواجهة، لا بل بالعكس، وجدوا انفسهم أنهم كلما حاولوا رفع رؤوسهم في دائرة إنتخابية مُعيَّنة يصطدمون بجناح إقطاعي يُظلَّلهم ويُزايد عليهم في ثورتهم!

وقد تكون عكار كما الجنوب والبقاعين الأوسط والغربي خالية من الأسماء "الثورية"، الطامحة لمقعد نيابي في انتخابات 2022، ولكن، يجِد "ثوار ربيع الوعد" أن باقي المناطق ترفع جدران الإقطاع بمواجهتهم، وأن أمثال أشرف ريفي الطالع من زواريب الرفض لكل شيء، ليسوا البدائل المناسبة عن الإقطاعيين الذين يدَّعون الثورة التغييرية، الإقطاعيون الذين أنزلوا أسلحة المواجهة الى ساحات الإنتخابات، كما فعل ميشال معوض عبر توزيع قسائم شرائية للخضار والفواكه، أو نعمت افرام للمواد الغذائية، والأفكار الثورية التي يدَّعيها مجد بطرس حرب وسامر جورج سعادة وفريد هيكل الخازن وسامي أمين الجميل وميشال الياس المر، هي نِتاج إقطاع بالٍ مهترىء من الغباء أن يعتبره الثوار أنه البديل عن الطبقة الحالية، لا بل أن اللجوء للإقطاع العائلي لمواجهة الإقطاع السياسي هو تجرُّعٌ للسُمّ وانتحار مجتمعي لبناني أشبه بالموت الرحيم.

الأنكى من كل ما تقدَّم، أن الأنظار تترقَّب عودة "الحريري سعد" الى لبنان للوقوف على آخر قرار سيتَّخذه بشأن المشاركة في الإنتخابات من عدمها، على ضوء إعلان "الحريري بهاء" عن نيَّته دعم لوائح ومرشَّحين على مستوى كل لبنان، وبالتالي فإن أي حديث عن تحالفات حزبية أو "مصلحية إنتخابية" مؤجل بانتظار خطوات بيت الحريري، الذين يستذكرون الناس في المواسم، علماً بأن بيت  الحريري هم طليعة المقصودين بشعار "كلُّن يعني كلُّن" وبلغوا مرحلة خريف المواسم، لكن من مهازل الحياة السياسية في لبنان أن الناس لا تستفيد حتى من ثورتها ولديها إدمان الإصغاء للشعارات حتى الخالية من المصداقية!

والوضع على الأرض الآن أصعب مما يتخيَّل أهل الخيال الواسع من المُرشَّحين، وفي آخر مشهدية منذ أيام على سبيل المثال، كان النائب أسامة سعد يتجوَّل في شوارع صيدا، وأسامة سعد الثائر الدائم من قبل أن يكون هناك ثوار في لبنان، لم يجِد جواباً على تساؤلات الناس سوى "الطبطبة" على أكتافهم والموافقة على صرخاتهم المُحقَّة ولكن، كلما اقتربت ساعة الإستحقاق الإنتخابي يجب أن تكون لدى كل المرشحين أجوبة، وبما أن أحداً لا يمتلك جواباً، فعليهم أن يسدُّوا جوع الناس عبر الدفع بالدولار الأميركي لتكون لهم أصوات ناخبين كفروا بالسياسة وأهلها...
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل