ماذا يريد ماكرون من مؤتمر باريس الدولي من أجل ليبيا؟ ـ فادي عيد وهيب

الخميس 18 تشرين الثاني , 2021 09:31 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

أختتم مساء الجمعة الماضي "مؤتمر باريس الدولي من أجل ليبيا"، والذي جاء بيانه الختامي مؤكدا على ضرورة التزام جميع الأطراف الليبية بإجراء الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021 وقبول نتائجها، وسحب جميع المرتزقة والمسلحين الأجانب من ليبيا.

وهنا تساءل الكثيرون ما الفرق بين مؤتمر برلين في العام الماضي ومؤتمر باريس؟ ولماذا عقد ذلك المؤتمر من الأساس؟

بداية لا جدال ان الشكل الخارجي لكلا المؤتمرين ببيانهما الختامي مشابهين، ولكن الاهداف والمضمون الداخلي كان مختلفاً الى حد كبير، وكي ندرك ذلك دعونا نلخص أهداف الرئيس الفرنسي الحقيقية من عقد ذلك المؤتمر في هذا التوقيت وبتلك السرعة قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الليبية:

أولا: رغبة فرنسا في إجبار رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة (الذي وصل الى منصبه بعد توافق في الكواليس بين روما وأنقرة، وهو المحسوب على تركيا في المقام الأول كحال سلفه فايز السراج) على تنفيذ الانتخابات المرتقبة في موعدها يوم 24 ديسمبر/كانون الأول، وكذلك على إخراج المرتزقة والمسلحين الأجانب من ليبيا، وهي المهمة التي تقاعس عنها الدبيبة إرضاء لتركيا، قبل ان تخرج أصوات محسوبة على حكومته تطالب بتأجيل الإنتخابات عن موعدها، مما جعل أطراف دولية عديدة في مقدمتها فرنسا تشكك في نزاهة وصدق نوايا الدبيبة.

ثانيا: إذا كان المؤتمر حمّل شخص الدبيبة المسؤولية الكاملة أمام الأطراف الليبية، فهو كذلك وضع تركيا وتدخلها السافر في ليبيا أمام العالم أجمع مرة أخرى، ولذلك اعتذر أردوغان عن حضور مؤتمر باريس، بعد رفض فرنسا طلبه في تقليل مستوى حضور دولتي اليونان وقبرص، في المقابل رئيس دولة الجزئر لم تتم دعوته، وذلك كان متوقعا بحكم الوضع المتأزم بين فرنسا والجزائر حاليا، فأردوغان يعلم ان مرتزقته في غرب ليبيا هم المستهدفون من مؤتمر باريس، لذلك لم يلب أردوغان دعوة عدوه الأول في ليبيا وشرق المتوسط إيمانويل ماكرون، واقتصر الحضور التركي في مؤتمر باريس على نائب وزير الخارجية التركي سادات أونال.

ثالثا: تأكيد باريس على خروج جميع المرتزقة الأجانب بلا إستثناء، مما يعني خروج عناصر "الفاجنر" الروسي أيضاً، بعد ان سلط الإعلام الفرنسي في الأونة الأخيرة الضوء على الحضور المسلح الروسي داخل ليبيا، في ظل رغبة باريس إلا تتحول ليبيا الى ساحة صراع جديدة مع موسكو، بعد شهور من المعارك بينهما خلال الأشهر الماضية في تشاد ومالي وغينيا وافريقيا الوسطى.

رابعا: تأكيد الحضور الفرنسي في الملف الليبي، بعد ان تعقدت الأمور في ليبيا ودول الساحل والصحراء، وهي كلها دول تمثل أولوية خاصة لقصر الاليزيه.

وأخيراً يبدو ان المعضلة الوحيدة لدى ماكرون ستكون في الرئيس التركي، وهو ما أعربت عنه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي كانت متشائمة جراء عدم اهتمام تركيا بالمواثيق والتعهدات الدولية التي قررت سحب جميع المرتزقة الأجانب من ليبيا قبل ان تصرح، قائلة: "إن لدى تركيا بعض التحفظات على خروج المقاتلين من ليبيا.. بينما روسيا مستعدة لتنفيذ انسحاب متبادل."

فهل سينجح أردوغان في بقاء مرتزقته في غرب ليبيا؟ أم من كان يعطيه الضوء الأخضر (واشنطن) لنشر هؤلاء الإرهابيين في ليبيا وسورية والعراق وحدود ارمينيا، من الواضح أن أردوغان لن يمنح المزيد من التقدم وسيتقرر تحجيم دوره، وهو ما برز في بيان واشنطن الذي أكدت فيه على معاقبة أي طرف سيعرقل عملية سحب المرتزقة والمقاتلين الاجانب من ليبيا، وحينها ستكون واشنطن قد انقلبت على أردوغان في ليبيا وهي من أعطته الأوامر بالتحرك لوقف عملية تحرير الجيش الوطني الليبي لطرابلس في العام الماضي، بعد ان اتفق الاميركي والروسي اليوم على توجيه قرصة أذن للرئيس التركي في شمال سورية عبر دعمهم المشترك للمسلحين الأكراد هناك.
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل