الى متى سيقاوم البرهان الضغوط وكيف ستنتهي أزمة السودان؟

الإثنين 08 تشرين الثاني , 2021 12:03 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة

فرّقت قوات الأمن السودانية الأحد تظاهرتين مناهضتين للانقلاب بإطلاق قنابل غاز مسيّل للدموع وأوقفت عشرات المتظاهرين في اليوم الأول من حملة عصيان مدني جديدة ضد الجيش الذي سيطر على الحكم منذ الانقلاب الذي نفّذه في تشرين الأول/ أكتوبر.

الالتزام بالعصيان كان محدودا وقد اغلقت مؤسسات تجارية وبنوك وشركات واسواق ابوابها، في اطار دعوات لتحرك سلمي ليومين ضمن دعوات العصيان المدني في مواجهة الانقلاب، على الرغم من أن المشاركة تبدو محدودة بسبب الانقطاعات المستمرة لاتصالات الإنترنت والهاتف.

وشهدت الخرطوم صباح الاحد مسيرة لاساتذة وتربويين الى وزارة التربية تنديدا بممارسات العسكر ومصادرة السلطة من قبلهم، الا ان قوات الامن تصدت للمحتجين واطلقت عليهم قنابل الغاز بغية تفريقهم.

وكان الفريق اول عبد الفتاح البرهان أعلن في 25 تشرين الأول/ أكتوبر حال الطوارئ في البلاد وحلّ مجلس السيادة الذي كان يترأسه، والحكومة برئاسة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك الذي تم توقيفه لفترة وجيزة، قبل الافراج عنه لينتقل إلى منزله حيث وُضع قيد الإقامة الجبرية، كما أوقف معظم وزراء الحكومة من المدنيين وبعض النشطاء والسياسيين. منذ إعلان هذه القرارات، تشهد البلاد وخصوصًا العاصمة موجة من التظاهرات.

وبعد حركة احتجاجية اندلعت غداة الانقلاب وتراجعت الأسبوع الماضي، دعت نقابات ومنظمات أخرى من جديد السودانيين إلى عصيان مدني الأحد اليوم الأول من الأسبوع في السودان، والاثنين.

وتظاهر الأحد المئات في عطبرة في شمال البلاد مردّدين شعار "لا للحكم العسكري"، في حين سار عشرات المدرّسين نحو وزارة التربية والتعليم في تظاهرة احتجاجية صامتة ضد قرارات قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حاملين عليها لافتات "لا للنظام العسكرية" إلا ان قوات الشرطة قامت بفضّ التظاهرة وأطلقت الغاز المسيّل للدموع.

وبحسب نقابة المعلّمين السودانيين، فقد أُوقف 87 متظاهرًا بدون مذكرة توقيف وأُصيبت مدرّسة بكسر ساقها أثناء تفريق التظاهرة.

في الأثناء، تم تعليق الدراسة في جامعتين رئيسيتين في السودان اولاهما جامعة الخرطوم، التي دانت "الانقلاب" العسكري ونددت باعتداءات نفّذها مسلّحون ضد طلبة في 25 تشرين الأول/ أكتوبر.

أما جامعة البحر الأحمر في مدينة بورتسودان، فأشارت الأحد إلى أنها علّقت الدراسة من أجل سلامة الطلبة.

بعد بضع ساعات، أطلقت قوات الأمن أيضاً الغاز المسيّل للدموع على مئات المتظاهرين في حيّ بري في شرق العاصمة، وفق ما أفاد شهود عيان، الذين ذكروا ايضا ان المتظاهرين احتشدوا في الشوارع وأحرقوا الإطارات، وهتفوا ضد الحكم العسكري.

وكان متظاهرون مناهضون للانقلاب أغلقوا ليل السبت الأحد بعض الشوارع الرئيسية في العاصمة الخرطوم ومدينتي بحري وأم درمان. وصباح الأحد، فتحت بعض المتاجر أبوابها وبقيت أخرى مغلقة في الخرطوم.

ويريد السودانيون أن يُسمعوا صوتهم من خلال "إضراب عام" أو تظاهرات ضخمة، فيما تتواصل بعيدًا عن الشارع وخلف أبواب مغلقة، المفاوضات بين العسكريين والقادة المدنيين والوسطاء المحليين والدوليين لإيجاد حلّ للأزمة.. ولم تفضِ المحادثات حتى الآن لا إلى تشكيل حكومة جديدة ولا إلى عودة الحكومة التي أطاحها فجأة البرهان ولا إلى تبني موقف واضح بشأن استئناف الانتقال الديموقراطي الذي بدء عقب سقوط عمر البشير عام 2019.

تؤكد المنظمات المؤيّدة للديموقراطية التي قادت الحركة المناهضة للبشير أن موقفها واضح، وتقول في بيانات تنشرها عبر رسائل قصيرة لأن الانترنت مقطوع منذ 14 يومًا، "لا حوار، لا تفاوض، لا شراكة" مع الجيش.

ومنذ آب/ أغسطس 2019، كان يحكم السودان مجلس سيادة مشترك بين مدنيين وعسكريين كجزء من الانتقال نحو حكم مدني كامل، لكن كثرًا يعتبرون اليوم أن مثل هذه الشراكة باتت مستحيلة.

ويكثّف مفاوضون من جامعة الدول العربية وجنوب السودان والأمم المتحدة اللقاءات مع الطرفين إلا أنّ مهمّتهم معقّدة. وأعرب موفد الأمم المتحدة الى السودان فولكر بيرثيس الخميس عن استيائه بسبب توقيف الجيش سياسيين مدنيين قدموا للقائه في مقرّه العام. والتقى وفد من جامعة الدول العربية الأحد البرهان الذي يواصل حملة التطهير. فبعد أن صرف جميع مدراء الشركات العامة، أقال الأحد جميع مدراء المصارف الرسمية. وأفرج الجيش الخميس عن أربعة وزراء لكن لا يزال آخرون محتجزين ولمح البرهان إلى أنهم سيُلاحقون قضائيًا.

وأثار الانقلاب والقمع الذي أسفر عن مقتل 14 متظاهرًا بحسب أطباء، سلسلة إدانات دولية وتعليق عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي وتخفيض كبير في المساعدات الدولية.

وتصر قوى الحرية والتغيير على التمسك بعدم التفاوض الا بعد عودة الوضع الى ما قبل قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر، وتطالب باطلاق سراح المعتقلين وعودة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وحكومته.. بالمقابل يؤكد الجيش انه لن يسمح لاي جهة مهما كانت باستغلال المرحلة الانتقالية لتحقيق اجندات ضيقة لا تستوعب الاهداف الوطنية الكبرى، بحسب تعبيره.

وتركز جهود الوساطة على حل وسط طرح للنقاش، يقضي بمنح حمدوك سلطات تنفيذية كاملة، وتعيين حكومة تكنوقراط.

ضغوط داخلية وخارجية وشعبية على البرهان تحثه على اعادة الاوضاع الى ما كانت عليها على الاقل، فيما يؤكد البرهان أنه لا تراجع عن قراراته في 25 اكتوبر الماضي، فإلى متى سيستمر الوضع في السودان على هذا الحال، والى اين ستتجه الاوضاع في هذا البلد؟ الايام كفيلة بذلك.

 

المصدر: العالم

 

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الثبات وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل