أقلام الثبات
أقرّت اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومكافحة الإرهاب العالمي، مشروع قرار حول لبنان وحوّلته الى الكونغرس الأميركي للتصويت عليه.
وهذا القرار الذي تقدم به السيناتور راي لحود في تموز عام 2021، وعنوانه " التضامن المستمر مع الشعب اللبناني بعد التفجيرات المدمرة في مرفأ بيروت في 4 آب 2020، والجهود المستمرة لتشكيل لبنان آمن ومستقل وديمقراطي"، يدعو الإدارة الأميركية الى الاستمرار في دعم الشعب والجيش اللبناني ودعوة الجيش الى القيام بمهماته في تنفيذ القرار 1701 والقرارات الأممية الأخرى والخ.
ولعل اللافت في حيثيات القرار، هي العبارة التي تنص على "أن حكومة الولايات المتحدة لديها مخاوف طويلة الأمد بشأن استخدام ح زب الله لمرفأ بيروت وتأثيره عليه كنقطة عبور وتخزين لمشروعه الإرهابي"، والتي توحي بأن الاميركيين يحاولون ربط "تأثير الحزب" على "المرفأ وتخزين النيترات"، ويدعون الى تحقيق شفاف يشترك فيه محققون دوليون.
وفي خضم الاشتباك على موضوع التحقيق الذي يجريه القاضي البيطار وما أورده السيد ن ص رالله من أن البيطار ضمّ إفادة عماد الكشلي الى الملف، يأتي تحويل هذا القرار الى الكونغرس الأميركي للتصويت عليه، ليصبّ الزيت على النار المشتعلة في لبنان، ويضيف أبعاداً خارجية تشي بأن الموضوع لن يكون خارج الاشتباك الدولي والاقليمي الذي يجري على الأرض اللبنانية، فزرع الشك بقضية المرفأ ودعوة الجيش الى تنفيذ القرارات الدولية، ليست أموراً سهل تحقيقها في لبنان.
وبالرغم من أن قرار الكونغرس غير ملزم للإدارة الأميركية إلا في حال حصوله على غالبية ثلتي أعضاء الكونغرس بمجلسيه، لكن يبدو أن الحزب قرر الرد بحرب نفسية وردعية بدت موجهة للأميركيين والاسرائيليين أكثر مما هي موجهة للداخل اللبناني، وذلك في خطاب السيد ن ص ر الله ما قبل الأخير وحديثه عن عدد 100 ألف مقاتل جاهزين للمعركة، من دون القوات الرديفة، ومن دون المقاتلين غير اللبنانيين ...
وبكل الأحوال، الجميع يدرك أن الجيش لا يمكن أن ينخرط في مواجهات داخلية، ويقيننا أن الأميركيين الذين يدربون الجيش ويسلحونه ويدعمونه يدركون أكثر من غيرهم حاجة الجيش لعدم الانخراط في اي نزاع داخلي وبقائه فوق الانقسامات الحزبية وأنه ضرورة لاستقرار لبنان ومنع الفوضى الشاملة. لذلك فإن تخلي الحزب عن مبدأ السرية والغموض حول عديد قواته وعدد صواريخه وغير ذلك، يشي بأن كشف معلومة بهذا الحجم لها هدف خارجي أكبر من حجم اشتباكات الطيونة وأزقة شوارع بيروت. وإذا عطفنا الرقم على العبارة المستقطعة التي وردت في خطابه حول عدم جاهزية أي طرف خارجي لمساعدة "القوات" في حال نشبت الحرب، ثم الحديث عن أعداد المقاتلين "غير اللبنانيين"، نجد أن الهدف ليس فقط ردع القوات من أن تكون رأس حربة في مشروع حرب أهلية، كما تحدث السيد ن ص رالله، بل تهديد القوى الخارجية بأن اي اندفاع للحرب أو دفع لبعض الأطراف الداخلية لافتعالها، سوف تؤدي الى نتائج عكسية أي السيطرة على الأرض عبر عديد ضخم حيث اعتبرت صحيفة التايمز البريطانية، أن إذا كان العدد (100،000 مقاتل) دقيقًا ، هذا يعني أن عديد ح زب الله يتفوق على الجيش اللبناني، وحتى على الجيش البريطاني.
وهكذا، وكما يرد في مبادئ العلاقات الدولية، "إن أدرت السلام، استعد للحرب"، يبدو أن محاولة الحزب تحاشي أي مغامرة حرب أهلية داخلية، جعلته يكشف عن عديد قواته المقاتلة، فهو يدرك أن دوائر القرار المعنية بالأمر، ستقوم بقراءة الرقم في شقيه الاقليمي والدولي، ولذلك فإنه من الافضل أن لا تلجأ الى التصعيد الداخلي وإثارة الحرب الداخلية. وبالتالي نجد اليوم أن التركيز الخارجي سيكون على الانتخابات النيابية القادمة لمحاولة تكرار تجربة العراق، تحويل الغالبية النيابية الى قوى 14 آذار والمجتمع المدني، وإضعاف الحزب والتيار الوطني الحر.