حان وقت الحساب‎ ـ يونس عودة

الأربعاء 20 تشرين الأول , 2021 09:53 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

مع اكتمال عملية الفرز والتموضعات في المشاريع المتناقضة والمتناحرة على المستويات الوطنية والاقليمية والدولية يتأكد أكثر فأكثر ضرورة صياغة جبهات او محاور متماسكة بعناوين واضحة تشكل قواسم مشتركة في البعد الوطني اولا، وفي الابعاد الاقليمية والدولية ثانياً، وتصنيف العدو من الصديق، مع الأخذ بعين الاعتبار ظروف هذه الجهة او تلك بعدم قدرتها على المجاهرة بحقيقة رأيها مرحليا، لأن المواجهات في المرحلة المقبلة لن تكون كسابقاتها - اي معالجة ظرفية تكون اقرب الى تقطيع الوقت على زغل، وانما ستكون استراتيجية وجيوسياسية ستمتد نتائجها لسنوات طويلة، وستكون محاطة بتضحيات جسام، وهذه التضحيات لا يقوى على تقديمها اولئك المرحليون، والانتظاريون لاتجاهات الريح على الارض.

ان ما شهده لبنان خلال الايام العشرة الماضية هو خير دليل، ومثال، على استشراس القوى المعجونة بفوائض الحقد والكراهية، وهي المستعدة دوما ليس للقتل بدم بارد لأبرياء يعبرون عن رأي - مجرد رأي - على ظلامة واقعة على البعض، بغض النظر عمن هو ذاك البعض.، وهذا النوع من القوى والافراد عادة ما تقدم نفسها كالقتلة المأجورين، لتنفيذ اقذر المهام لمن يشاء من قوى الشر بغض النظر عن الاهداف الكامنة في ذهن مشتري الخدمات. فكيف اذا ما كان زادها احلاماً واهمة في سلطة مطلقة . 

 ان السبب الرئيسي في مراكمة الحقد ناجم عن المعالجات السطحية والفوقية لقضايا وطنية، ما يجعل الأوهام تنبت كالفطريات الضارة والسامة على جذوع الاشجار المثمرة، ومتل تلك القوى التي يعاد تكوينها غب الطلب والاستثمار مهمتها الضرر فقط، لأن المشغل يدرك أكثر من غيره انها للاستعمال المؤقت، وليست سوى بيادق للتضحية بها على رقعة المواجهة .

ان من اطلقوا على انفسهم اسم "القوات اللبنانية"، وكان الاجدى وبالمنطق، ان يقال قوات للايجار لوضوحها الكامل في البروباغندا القائمة على الاكاذيب والتضليل وغش الرأي العام والتلاعب بعقول البسطاء، بشعارات المحاضرة في العفاف، والمفاخرة في القتل العمد، و هو ما لم يقدم عليه سوى القوات الاسرائيلية .

لا يفاخر مجرم بجريمته الا وفي ركن دماغه يعيش سفاح، واذا توقف المرء امام عملية القتل الجماعي للمتظاهرين عند مستديرة الطيونة، لا يمكن الا ان يمر بخاطره عمليات الاعدام التي اعتمدها تنظيم داعش الوهابي في تكوينه الارهابي للترويع، وهذا الترويع يبني عليه للاستقطاب والتنظيم والهيكلة لاحقا، لكن اذا توقف المرء مليا وربط الاحداث، من المستفيد من الجرائم المنظمة والممولة مسبقا، فيكتشف السر، في النشأة او الرعاية، ولا بد ان يشير باصبعه الى المكان الذي استنتجه عقله الا وهو مملكة ال سعود، التي تتماهى الى ابعد الحدود مع الاهداف الاسرائيلية والاميركية، ليس في لبنان وحسب بل على مستوى الاقليم. وبالتالي فان التوصيف نفسه والشعارات المروجة نفسها تجدها من واشنطن الى اسرائيل الى السعودية الى جماعة القوات وبيادق اخرى.

من هنا ليس من الغريب أن تؤازر السعودية - داعش - اعلاميا وماليا، وان ينبري رئيس حكومة العدو نفتالي بينيت، لتأجيج التحريض ومنح التشجيع للقتلة وقادتهم لأن يثابروا في النهج الذي اتبعوه، ولهم في تل ابيب ظهير كما كان طوال سنوات، لا بل الآن أكبر من خلال دعوته للمتأمرين، على أقوى قوة في لبنان قوامها مئة الف رجل أعدوا للمواجهة الكبرى مع كيان العدو وسادته وفي المقدمة الولايات المتحدة، ان يعملوا على " تحرير أنفسهم من القبضة الخانقة للحرس الثوري الإسلامي وبناء مستقبل أفضل لأنفسهم".

اي مستقبل يعد بينيت هؤلاء سوى الموت الزؤام، اذا انزلقوا الى مواجهة تدفعهم اليها "اسرائيل"، ليشكلوا جزءا من الارهاب الدولي ضد المقاومة وحلفائها بهدف فرض الأسرلة على اللبنانيين .

لقد انقضى وقت السماح وغض الطرف، واكتملت القضية بأساسها وفروعها، ولذلك حان وقت الحساب.فمن مشى على الدرب الصحيح يصل، ومن اختار الجلوس على ضفة النهر، لن يشارك في إزالة اخطر نوع من الفساد وهو الفساد الوطني .
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل