أميركا تستهلك أدواتها ـ عدنان الساحلي

الجمعة 15 تشرين الأول , 2021 10:29 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

مع إستخدامه سمير جعجع لإفتعال صدام مع المقاومة، يكون الحلف المدافع عن الكيان "الإسرائيلي" بقيادته الأميركية وتمويله السعودي، يخوض محاولة لإعادة لبنان أربعين سنة إلى الخلف، إلى ذلك اليوم الذي أعلن فيه بشير الجميل ما أسماه "حرب تحرير لبنان من الفلسطينيين والسوريين". فدمر الحجر وقتل البشر وهجر من هجر. كان الشعار المعلن هو التخلص من السلاح الفلسطيني، فيما كان الهدف المضمر، هو الوصول إلى رئاسة الجمهورية على ضهر دبابة "إسرائيلية".

لكن روح المقاومة المتأصلة والراسخة في نفوس أهلها، هزمت تلك المحطة من مسلسل ضرب كل من يتصدى للغزوة الصهيونية، فكان "حبيب بالمرصاد لبشير"، كما جرى إسقاط إتفاق 17 أيار الخياني بدعم مباشر من سورية. وها هي المؤامرة تدخل محطة جديدة، بعدما هزمت كل محطاتها المتلاحقة. خصوصاً أن البعض ينسى أو يتجاهل أن المقاومة اليوم أصيلة في هويتها، لا تحتاج إلى شهادات بوطنيتها ولبنانيتها. في حين أن أربعة عقود من المؤامرات طوت معها كل المتآمرين على المقاومين، أما الذين هزموا الجيش الصهيوني الذي كان لا يقهر، فباقون وتزداد قوتهم وبأسهم مع إسقاطهم لكل هجمة أميركية-"إسرائيلية"- سعودية ضدهم.

أولى المؤامرات التي إستهدفت مقاومة حزب الله، جاءت مع هبوط الحريرية "بالباراشوت" السعودي على لبنان. وكان رفيق الحريري يحمل بإحدى يديه مشروع الخصخصة والسيطرة على أموال البلد، للإمساك بكل تلابيب القرار ومصادر القوة في لبنان. وفي اليد الثانية حمل مشروع وقف العدً والحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، مهما تبدلت التركيبة السكانية في لبنان. وكان ذلك لرشوة المسيحيين وطمأنتهم، حتى لا يعارضوا مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين، الذي تصرّ عليه الولايات المتحدة و"إسرائيل" ومن يسير خلفهما. هذا المشروع الذي تطور هذه الأيام ليشمل دمج المعارضين السوريين في اماكن نزوحهم، لئلا يتوجهون إلى أوروبا بعدما هزم مشروع تزوير هوية ودور سورية، التي انتصرت بخيارها العربي المقاوم.

وعندما فشل الرئيس الراحل رفيق الحريري في تنفيذ ما كلف به للقضاء على المقاومة، إغتاله الذين أرسلوه لينفذوا بدمه ما عجزوا عن تنفيذه على يديه، من خلال ما فعلوه بعد العام 2005. وجاءت واقعة إحتجاز إبنه ووريثه السياسي الرئيس سعد الحريري في الرياض، مع ما تعرض له من إهانات وصلت إلى حد تهديد سلامته الشخصية، التي أنقذت في آخر لحظة بفعل الضغط اللبناني والدولي، لتؤكد صحة توجيه أصابع الإتهام نحو المحور الأميركي-"الإسرائيلي"-السعودي وأدواته المحلية، في جريمة قتل الحريري الأب. لكن كل العهر والتزوير الذي مورس بغطاء إقليمي ودولي في لبنان، بعد العام 2005، فشل في ضرب المقاومة أو حصارها، فكان إستعمالهم للشارع وصولاً إلى قرارات الخامس من أيار عام 2008، التي أدت إلى ردة فعل 7 أيار. وهي درس ما تزال قوى 14 آذار تحفظ صفعاته. 

سبق ذلك شن العدو "الإسرائيلي" عدوان تموز 2006، بغطاء دولي وعربي للتخلص من المقاومة وبيئتها بالكامل. لكن "الإسرائيلي" هزم وأصابه الجبن منذ تلك الأيام؛ وبات يحسب للمقاومة ألف حساب.

كل ذلك لم يدفع القوى المعادية إلى اليأس، إذ أن رعاة مشروع الهيمنة الصهيونية والغربية على المنطقة العربية، واصلوا إبتكار أساليب ومشاريع لحصار المقاومة والتخلص منها، حماية للإحتلال "الإسرائيلي". فكانت الحرب العالمية على سورية للإستيلاء عليها وتقسيمها وقطع طريق دعم وتسليح المقاومة عبرها، عبر تسليمها للتكفيريين الذين إعترف المسؤولون الأميركيون أنهم صانعوهم وداعميهم تمويلاً وتسليحاً. فبادرت المقاومة وقبلت التحدي وشاركت حلفائها في رد العدوان، فهزمت التكفيريين وكل من وقف خلفهم من حكام وأنظمة وقوى، كشفتهم الأيام أنهم حلفاء وأتباع للعدو "الإسرائيلي". 

وأمس جاءت حادثة "الطيونة - بدارو"، لتفضح الدور المناط بسمير جعجع، الذي تقدم الصفوف منادياً "إشهدوا لي عند الأميركي والممول السعودي أنني إشتبكت مع حزب الله"؛ وفي ذهنه تكرار تجربة قائده بشير الجميل، للوصول إلى رئاسة الجمهورية، متستراً بدخان حرب على المقاومة لم يجروء على التورط بها بعد، هذه الحرب التي تؤمن له الغطاء الأميركي والتسليح "الإسرائيلي" والتمويل السعودي. لكن الأيام ستثبت أن مطامع جعجع هي كحلم إبليس في الجنة. وأن ما ورط نفسه فيه سيستهلكه ويلحقه بمن سبق. وستبقى المقاومة لأنها عنوان كرامة البشر وهوية الحجر وعبق الأرض، الذي إنتصر منذ الأزل في هذه المنطقة على الغزاة وعلى من تبعهم.    
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل