أقلام الثبات
لم تكن بريئة مطلقاً عمليات التحريض الواسعة التي قامت ضد الدعوة إلى التظاهرة نحو قصر العدل، للتعبير عن رأي المتظاهرين واحتجاجهم على قرارات محقق عدلي.. فمنذ الأربعاء كانت عمليات التحريض المشبوهة ضد التظاهرة والداعين لها، وحفلت بعض مواقع التواصل الاجتماعي بنشر التهديد والوعيد، وتصوير الأمور وكأنها اقتحام لما كان يسمى "المناطق الشرقية"، ووصل الأمر ببعضها، إلى الدعوة للتصدي بالحديد والنار.
وعليه، ما أن صارت المظاهرة عند دوار الطيونة باتجاه قصر العدل حتى انهال الرصاص على المتظاهرين السلميين، من خلال قناصين كانون يتمترسون في أبنية، بما يشير تماماً إلى تحضير مسبق للمجزرة البشعة، وإلى النية المبيتة لتفجير البلد، وخصوصاً أن القناصين المجرمين استهدفوا الجيش الذي كان يعمل على تهدئة الأوضاع، حتى تفلت الأمور من عقالها، بما يشير إلى أن هناك خطة لإحداث فتنة واسعة.
وحتى لا نستبق التحقيقات حول وقائع وتفاصيل المقتلة التي نفذها المجرمون بدم بارد، نكتفي بالإشارة إلى أن ما حصل غير مقبول على الإطلاق، ولابد من كشف الذين يريدون أن يلعبوا بدم اللبنانيين، وخصوصاً أنه منذ فترة غير قصيرة عدنا نسمع شعارات تعيدنا إلى زمن الحرب الأهلية القذرة وإلى أمن مجتمعات "ما" فوق أي اعتبار، فحذار من محاولة التحضير للانتخابات على رائحة الدم واليافطات الطائفية والمذهبية.
وإذا كان ما حصل في هذه المقتلة، لا يمكن السكوت عنه بتاتاً، فإن موقعة الكحالة عام 1974، وموقعة بوسطة عين الرمانة في 13 نيسان عام 1975، لن يسمح بتكرارها، وستكون نتائجها وخيمة على من يفتعلها، فالبلد لم يعد يحتمل المغامرات التي تصب في مصلحة العدو.
انتبهوا تماماً إلى هذا التنسيق والتلازم بين ما ارتكب في مقتلة الطيونة-بدارو، والعدوان الاسرائيلي-الأميركي ليلاً على مراكز تجمع للشباب ومراكز خدمات لقوى حليفة لسورية في تدمر وسط سورية، مما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى.. فهل كان ذلك مؤشراً لتنفيذ مقتلة الطيونة-بدارو.. تلازم غير بريء على الإطلاق.