34 عاماً ... الجهاد نهج مقاومة وثبات موقف ـ رامز مصطفى

الثلاثاء 12 تشرين الأول , 2021 09:56 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في مهرجان تأبين أمين عام حزب الله المجاهد الشهيد السيد عباس الموسوي الذي اغتاله العدو الصهيوني أوائل العام 1992، وقف أمين حركة الجهاد الإسلامي الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي قائلاً " حزبٌ يستشهدُ أمينه العام، لابد أنه منتصر " . رؤية استشرافية تقدّم بها االشهيد الكبير، حولّ ما سيولده استشهاد أمين عام في حزب أو حركة أو فصيل مقاوم، من حالة نهوض واستنهاض ثوري كفاحي مقاوم متجذر، لا يقبل أية محاولة للانتقاص أو المساومة على الحقوق الوطنية مهما تعاظمت التحديات وكبرت التضحيات .

رؤيته الاستشرافية تحققت بعد أن اغتالته يد الغدر الصهيوني أواخر تشرين الأول من العام 1995 في مالطا . فأضحت حركة الجهاد الإسلامي التي أسسها الشهيد الكبير الدكتور الشقاقي وثلة من مناضلي ومجاهدي شعبنا عام 1987، حركة جهادية تشق طريق المقاومة بكل ثبات وإيمان لا يتزعزع، أنّ الطريق الموصلة إلى تحرير فلسطين من أول النهر إلى أخر البحر هي بالمقاومة وحدها، وليس بالمساومة والانخراط في حلولٍ استسلامية تُصفي القضية الفلسطينية وعناوينها الوطنية . وكان لاستشهاده الأثر البالغ في إعطاء الدفع القوي للحركة، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من مكانة نضالية وكفاحية مرموقة، احتلت بفضل تضحيات مجاهديها وقياداتها وقادتها حيّزاً واسعاً في المساحة الوطنية الفلسطينية، ولتصبح أحد الأعمدة الرئيسية في مقاومة الاحتلال . كيف لا، وهي خاضت إلى جانب أخواتها من الفصائل والكتائب المقاومة المعارك المُشرّفة مع العدو الصهيوني، والتصدي لعدوانيته المتمادية في حروبٍ أربعة، أرست قواعد اشتباك جعلت الكيان الصهيوني يقف بألة قتله العسكرية عاجزاً أمام كسر تلك القواعد، بل ساهمت الحركة بمسؤولية واقتدار في تعميق مأزقه الوجودي على أرض فلسطين .

الحركة ولتعزيز رؤيتها الجهادية الكفاحية في مواجهة ومقاتلة العدو الصهيوني وكيانه الغاصب، دأبت على تطوير قدراتها القتالية، وتطوير برامج تسلحها، بما فيها منظومات الصواريخ على تنوعها ومدياتها، والتي ساهمت في ردع العدو، ودفعه إلى إعادة حساباته عند كل اندفاعة عدوانية جديدة ينوي الإقدام عليها ضد شعبنا، ليس في قطاع غزة وحده، بل وفي عموم أراضينا المحتلة . ومعركة "سيف القدس" في رمضان الماضي، خير دليل على أنّ حركة الجهاد بسرايا القدس، وإلى جانبها كتائب القسام وباقي الكتائب المسلحة من سائر قوى المقاومة، تحركت دفاعاً عن القدس بمقدساتها وأحيائها . فشكلت بنتائجها منعطفاً إستراتيجياً لصالح قضية شعبنا، يمكن المراكمة عليه في سياق الصراع المفتوح مع الكيان الصهيوني، وأعادت توحيد الجغرافية الفلسطينية، في أراضينا المحتلة عام 1948 وقطاع غزة والضفة الغربية بما فيها مدينة القدس .

حركة الجهاد، نظّر إليها البعض على أنها حركة عسكرية، لا تعير العمل السياسي أو الحزبي كبير شأن . هذه النظرة وإن في ظاهرها صحيحة، لكن في المضمون هي تجافي الحقيقة . وعلى فرض أنّ تلك النظرة صحيحة بكليتها، ولكن على أهمية العمل السياسي، السؤال الذي يطرح نفسه على أصحاب تلك النظرة، إلى أين أوصلنا أصحاب تقديم العمل السياسي وتكتيياته على أعمال المقاومة ؟ . أليست اتفاقات " أوسلو " التي ابتلينا بها بفضل هؤلاء السياسيين الذين قامروا بالقضية وعناوينها . هذا لا يعني ألاّ تقرب الجهاد العمل السياسي المستند إلى قوة المقاومة والكفاح والجهاد، لأنّ من دونها السياسة تصبح مهلكة لقضيتنا وهذا هو حالنا مع ما جلبته اتفاقات " أوسلو " .

في معرض الدفاع عن حركة الجهاد، نقول هي تعمل بالسياسة من منطق المقاومة، والحرص على القضية وعناوينها، وإبراز المظلومية التي وقعت على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا بفعل ما تعرضنا له على يد محتل، لا سند لوجوده على أرضنا، سوى أنه مغتصب بقوة القتل والمجازر، وبتواطؤ من القوى الاستعمارية، والاستكبار العالمي والنظم الرجعية، وصمت المجتمع الدولي المرتهن للإدارة الأميركية . وما الرؤى السياسية التي طرحتها حركة الجهاد، في مساهمة وطنية مسؤولة، في سياق معالجة المأزق الذي تعاني منه الساحة الفلسطينية بسبب اتفاقات " أوسلو " والرهانات البائسة على مفاوضات يتم استجدائها من عدونا الذي لا يأبه بها أو يقيم لها أي وزن، بل يمعن في سياساته الإجرامية بحق شعبنا، وينفذ بشكل ممنهج فرض وقائعه على عناوين قضيتنا في القدس واللاجئين ومصادرة الأراضي ... الخ . والمبادرات التي تقدمت بها الحركة، لرأب الصدع وإنهاء الانقسام، وإصلاح منظمة التحرير من خارج برنامج " أوسلو "، والدعوة إلى الخروج منها، وإعادة الاعتبار للمشروع الوطني، وفي مقدمته الانحياز إلى خيار شعبنا في المقاومة . ومن ثمّ انخراطها في كل الحوارات الفلسطينية منذ العام 2003 وحتى العام 2021 في كل من القاهرة وموسكو وبيروت، ما هو إلاّ دليلاً على أنها لا تعيش حالة من الإنغلاق السياسي طالما أنه يحقق المصالح الوطنية العليا لشعبنا وقضيته الوطنية .

الأهم أنها لم تخطئ بوصلة تحالفاتها، فهي استندت في ذلك على عمقين إستراتيجيين، سورية وإيران وقوى المقاومات العربية في لبنان والعراق واليمن، ومع قوى وأحزاب عربية وإسلامية وعالمية . وحددت بوضوح أنّ التناقض الرئيسي هوّ مع الاحتلال الصهيوني وكيانه المصطنع، ومع الولايات المتحدة الأمريكية والنظم الرجعية المطبّعة مع العدو، على حساب حقوقنا وثوابتنا .

الحركة وقفت ولا زالت منذ تأسيسها عند رفضها مشاريع التسوية والتفريط والتنازل والتخاذل، وأشكال الحلول التسووية وأنصافها، والاعتراف بالكيان والتسلييم بشريعة وجوده بموجب وثائق الاعتراف المتبادل بين المنظمة والكيان . وبالتالي عدم إيمانها بالبرنامج المرحلي، الذي سيؤدي إلى الجلوس والتفاوض مع العدو الصهيوني .

ختاماً تحية كبيرة لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بمناسبة انطلاقتها الجهادية ألـ 34 بقيادة المجاهد زياد النخالة الأمين العام للحركة، التي أثرت الحركة الوطنية الفلسطينية ببعدها الإسلامي الجهادي المقاوم . وإلى روح مؤسسها الشهيد القائد فتحي الشقاقي، والدكتور رمضان شلح، وسائر شهدائها من قادة ومجاهدين ومقاومين . وإلى سراياها المسلحة، سرايا القدس التي أبدعت ولا زالت تبدع في ميادين المقاومة في مقارعة العدو، المرتبك أمام عظمة المقاومة في غزة، كما في الضفة الغربية والقدس وأراضينا المحتلة عام 1948 . وإلى أسراها البواسل في سجون العدو، الذين يلقنونه يومياً الدروس في معركة الصمود والإرادات الصلبة التي في نهاية المطاف الغلبة فيها لأبطال الحرية، كما أكد عليه أبطال نفق الحرية من سجن جلبوع في طريقهم نحو القدس .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل