من أفغانستان الى غينيا.. رقعة الصراع الدولي تتسع ـ فادي عيد وهيب

الإثنين 13 أيلول , 2021 10:06 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 

يبدو أن الأميركي لم يحسن منذ البداية رسم مستقبل مطار كابول، وان كان تركيزه منصباً قبل الانسحاب على شيء واحد فقط، وهو كيفية زرع قنبلة جديدة في افغانستان للانفجار في وجه روسيا والصين مستقبلا، فقبل الإنسحاب اتفقت واشنطن مع طالبان على ما بعد الإنسحاب، كي تتولى طالبان (المحظورة في روسيا) زمام الأمور في ارض الذكريات السيئة للسوفييت، وهي تعلم ان الحرب الأهلية في افغانستان قادمة لا محالة، ان لم تتطور الأمور خارج حدود افغانستان، لذلك صرح بوتين بداية الشهر الجاري، قائلا: "ان ما يحدث في افغانستان سيكون له تأثير سلبي على الجوار الافغاني"، وهو ما يعني ان الروس سيتدخلون مجبرين لدعم أي فصيل أفغاني مناهض لطالبان، كي يعود على أثره الروس من جديد لجبال أفغانستان، ولكن من المؤكد في حال عودة الروس مجددا لأفغانستان، فتلك المرة ستكون مختلفة تماما عن المرة الأولى، وخصوصاً أن روسيا اليوم لها ذراع خارجي مماثل لـ بلاك ووتر الأميركي، إلا وهو "الفاجنر"، ويمكن ان تنسحب عناصر الفاجنر من ليبيا الى افغانستان، خصوصاً بعد ما جاء في توصيات اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي في الجزائر (حليف روسيا) بخروج جميع المسلحين الأجانب من كامل ليبيا، وهو لا يمكن أن يتم إلا بتوافق مسبق روسي جزائري.
وعليه لا يمكن أن يكون هذا الاجتماع حصل بالصدفة، وخصوصاً ما حصل قبل من إقتتال شرس بين المليشيات الإرهابية في العاصمة طرابلس، والتي كانت تركيا ضالعة فيه بشكل أساسي، ويكفي أن محمود حمزة آمر اللواء444 (المشارك في الإقتتال الداخلي في منطقة صلاح الدين جنوب طرابلس، والذي تم إعتماده من قبل فايز السراج)، كان في تركيا خلال تلك المعارك الداخلية التي زعزعت الامن في جنوب طرابلس، وهو ما يؤكد أن المعادلة في افغانستان وليبيا وما بينهما واحدة، ما دامت الأطراف المشتبكة في غير مكان هي نفسها.

فالحرب في افغانستان أو حتى ليبيا وما بينهما لم تنته بعد، ونترقب كيف ستكون الأمور بين موسكو وبكين في ظل تناقض متوقع تجاه تعامل كلاهما مع طالبان، فالصين كعاداتها وضعت المصلحة الاقتصادية فوق أي اعتبار، لذلك طمأنت طالبان، بكين على أن افغانستان لن تكون عائقاً أمام مشروع "الحزام والطريق" بينما المخاوف الأمنية تجاه ما يحدث في افغانستان تسيطر على العقل الإستراتيجي الروسي بشكل كبير جدا، وهي لها كل الحق في ذلك، بعد أن وصل الدعم الباكستاني التركي القطري لحركة طالبان الى ذروته، وكل ذلك بضوء أخضر أميركي، وبعد ان صار موقف احمد شاه مسعود متأزماً جدا أمام طالبان بفعل الدعم الإستخباراتي والعسكري الباكستاني لطالبان، بعد زيارة فايز حميد مدير المخابرات الباكستانية الى كابول ولقائه بقادة طالبان، وهنا لا يفوتنا دور الطائرات المسيرة الباكستانية في مساعدة عناصر طالبان للتسلل لبانجشير، فأن تم القضاء على بانجشير لن يكون هناك أي فرصة للتواجد الروسي في افغانستان، كي تنتقل روسيا في تعاملها مع القنبلة المرتقبة في أفغانستان الى الخطة "ب".

ومن ليبيا (شمال افريقيا) الى غينيا (غرب أفريقيا)، دخلت كل من موسكو وباريس جولة جديدة من الصراع في القارة السمراء، بعد أن وجهت فرنسا الأسبوع الماضي صفعة ثانية لروسيا بعزل الرئيس الغيني ألفا كوندي، على يد ضباط وعناصر من الجيش الغيني على علاقة مباشرة بالمخابرات الفرنسية، وهي صفعة فرنسية جديدة لروسيا، بعد تصفية ادريس ديبي رئيس تشاد في ابريل/نيسان الماضي، والذي انحاز في عقد صفقاته العسكرية الجديدة لروسيا على حساب فرنسا، بعد ان سلم الجزائر خرائط كل تحركات القوات الفرنسية في مالي، كي تبقى المخابرات الفرنسية في المقعد الأول بالقارة السمراء.

وكما صارت مياه شرق المتوسط ساخنة كحال مياة الخليج بفعل إكتشافات الغاز، وكما صارت أفغانستان ملتهبة كحال الشام بفعل داعش خراسان، كذلك صار غرب افريقيا مشتعلاً كحال الشرق الأوسط بفعل الصراع الدولي على أراضي اليورانيوم والماس والذهب، وصار من المؤكد ان جغرافية المعركة بين الأقطاب الدوليين اتسعت من أفغانستان شرقا الى غينيا غربا وستشهد المزيد من حروب تكسير العظام.

وحقيقة الأمر ان دول الساحل والصحراء وغرب افريقيا صارت مؤهلة لإستقبال ذلك الصراع، ويكفي النظر إلى عناصر الإستخبارات الاجنبية والشركات الدولية والعابرة للقارات التي دخلت لتلك الدول في الشهور القليلة الماضية فقط، لنكشف ما ستشهده المنطقة من صراعات محتدمة.
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل