اردوغان يواصل سياساته الابتزازية من شمال قبرص ـ فادي عيد وهيب

الخميس 22 تموز , 2021 10:33 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

خلال زيارته المثيرة للجدل للشطر الشمالي من جزيرة قبرص، التي جاءت في الذكرى الـ47 للاجتياح التركي الذي أدى إلى تقسيم الجزيرة المتوسطية، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يوم الثلاثاء الماضي تمسّكه بحل يقوم على دولتين في قبرص، قبل أن يعرض مشروعه في إعادة فتح "فاروشا" من جانب أحادي، في خطوة أزعجت اليونان والإتحاد الأوروبي الى أقصى درجة.
وقال أردوغان أمام حشد كبير خلال عرض عسكري في الشطر الشمالي للجزيرة القبرصية من العاصمة "ليس لدينا خمسون عاما لنضيعها مجددا" في إشارة واضحة إلى عقود من جولات التفاوض برعاية الأمم المتحدة، التي لم ترد الى توحيد الشطرين اليوناني والتركي من الجزيرة القبرصية.
وجاء ذلك بعد ان ألقى أردوغان بوابل من التصريحات النارية على أثينا وحلفائها، في مشهد متكرر لتصريحاته في العاصمة الأذرية باكو بعد انتصار اذربيجان على أرمينيا في إقليم ناغورنو كارباخ.
وخلال وجود الرئيس التركي في شمال قبرص، لعب أردوغان دور رئيس الجزيرة وقام بإفتتاح عدة مشاريع ، بعد ان تفرد أردوغان بالكاميرا وكأنه في مؤتمر حزبي بإسطنبول، حتى أعلن عن إنتهاء بلاده من إعداد مشروع المجمع الرئاسي لجمهورية شمال قبرص التركية، والتي ستبدأ تركيا بتنفيذه قريبا، حسب تصريحات أردوغان.
وعلى نقيض الاحتفالات في الشطر الشمالي، دوت صفارات الإنذار في الشطر الجنوبي من نيقوسيا عند الساعة الخامسة والنصف (2,30 ت غ) يوم الثلاثاء الماضي، تذكيراً ببدء الغزو التركي في 20 تموز/يوليو 1974.
ومن المعلوم أن تركيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعترف حالياً بشمال قبرص المنشق، وتقول إن الخيار الوحيد القابل للتطبيق لمداواة عقود من القطيعة هو أن يقبل القبارصة اليونانيون والمجتمع الدولي بوجود كيانين منفصلين يتمتعان بالسيادة على هذه الجزيرة، وهي الخطوة التركية التي رفضتها جميع القوى الغربية في العلن، ولكن بالطبع ليس كل من رفض ذلك في العلن يرفضها في الحقيقة.
وفي المقابل جاء رد اليونان سريعا عبر زيارة وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس إلى قبرص اليونانية  غداة زيارة إردوغان، فما فعله أردوغان صباح الثلاثاء في فاروشا التي أعلن إعادة فتحها من جانب أحادي تخطى كل حدود الاستفزاز، وبات كإعلان حرب على اليونان.
وحقيقة الأمر  فإن مشهد حضور الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى شمال قبرص وما قام به وما القاه من تصريحات نارية لم تكن صدفة، ولم تكن بفضل تناول بعض حبوب الشجاعة، انما يعني تبنى أردوغان لعب دور كلب حراسة المصالح الامريكية في افغانستان وتأمين مطار كابول والسفارات الغربية (رغم رفض طالبان) ،وهوطلب مقابل ذلك ضمان بقاء وجود قواته في غرب ليبيا حتى بعد الانتخابات المقررة نهاية العام الجاري، هذا ان تمت جراء التدخلات التركية وسيطرة المليشيات الموالية لها على أغلب مدن الغرب الليبي.
 وهو نفس الدور الذي لعبه الرئيس الإسلامي التركي السابق عدنان مندريس عندما أرسل قواته لكوريا الجنوبية دفاعا عن المصالح الغربية هناك.
وفي يوم الثلاثاء الماضي (ذكرى إجتياح تركيا لقبرص 1974م) نصب أردوغان نفسه كوالي على شمال قبرص، وخلال كلمته هناك فتح النار كعادته على المحور اليوناني الفرنسي، ولوح بإختفاء شئ أسمه قبرص اليونانية من الأساس.
ومثل تلك النوعية من البشر (أردوغان) التي نادرا ما تضيع الكرة وهي أمام المرمى، سيطلب من الغرب دعم الحضور التركي في شرق المتوسط على الأقل، بدلا من الاعتراف بجمهورية قبرص الاسلامية أو عدم تطويق كامل قبرص، بعد أن بات الجيش التركي متواجد بكثافة على سواحل وبر قبرص الشمالية ويمكنه تنفيذ ذلك فعليا.
ولكن تركيا ستفضل المساومة بتلك الورقة على حساب ليبيا، بدلا من الدخول في حرب كبرى مع اليونان، وإن كان لم يعد هناك شئ مستبعد أمام العثماني، وخصوصا ان اليونان مهما بلغت من أهمية للاطلسي لن تكون أهم من تركيا، ولن تكون أغلى من أرمينيا، وللعلم منذ ان تخلت روما عن القسطنطينية الارثوذكسية، وتركتها كلقمة سائغة للعثماني1453م والأمور لم تتغير كثيرا بين الأسم المستحدث "الناتو الأطلسي" والارثوذكسي، وفي كل الحالات ستكون قبرص الشمالية مستقبلا أحد أبرز نقاط انطلاق البحرية التركية نحو غرب ليبيا، وهو ما يضاعف من تداعيات الوضع على الملف الليبي ويزيده تعقيدا.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل